للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال لنا عبد الله -هو ابن مسعود-إذا حدثناكم حديثا أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله: إن العبد المسلم إذا قال: "سبحان الله وبحمده، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، تبارك الله"، أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه، ثم صَعد بهن إلى السماء فلا يمُرّ بهن على جمْعٍ من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن، حتى يجيء بهن وجه الرحمن ﷿، ثم قرأ عبد الله: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).

وحدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن عُلَيَّة، أخبرنا سعيد الجُرَيْرِي (١)، عن عبد الله بن شقيق قال (٢): قال كعب الأحبار: إن لـ "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" لدويا حول العرش كدويّ النحل، يُذَكِّرْنَ بصاحبهن، والعمل الصالح في الخزائن. (٣)

وهذا إسناد صحيح إلى كعب الأحبار، ، وقد روي مرفوعًا.

قال الإمام أحمد: حدثنا ابن نُمَيْر، حدثنا موسى -يعني: ابن مسلم الطحان -عن عون بن عبد الله، عن أبيه -أو: عن أخيه (٤) -عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله : "الذين يذكرون من جلال الله، من تسبيحه وتكبيره وتحميده وتهليله، يتعاطفن حول العرش، لهن دوي كدوي النحل، يذكرون بصاحبهن ألا يحب أحدكم ألا يزال له عند الله شيء يذكر به؟ ". (٥)

وهكذا رواه ابن ماجه عن أبي بشر بكر بن خلف، عن يحيى بن سعيد (٦) القطان، عن موسى بن أبي [عيسى] (٧) الطحان، عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبيه -أو: عن أخيه-عن النعمان بن بشير، به. (٨)

وقوله: (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ): قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الكلم الطيب: ذكر الله، يصعد به إلى الله، ﷿، والعمل الصالح: أداء فرائضه. ومن ذكر الله ولم يؤد فرائضه، رد كلامه على عمله، فكان أولى به.

وكذا قال مجاهد: العمل الصالح يرفع الكلام الطيب. وكذا قال أبو العالية، وعكرمة، وإبراهيم النَّخعِيّ، والضحاك، والسُّدِّيّ، والربيع بن أنس، وشَهْر بن حَوْشَب، وغير واحد [من السلف]. (٩)

وقال إياس بن معاوية القاضي: لولا العمل الصالح لم يرفع الكلام.

وقال الحسن، وقتادة: لا يقبل قولٌ إلا بعمل.

وقوله: (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ): قال مجاهد، وسعيد بن جُبَيْر، وشَهْر بن حَوْشَب: هم المراؤون بأعمالهم، يعني: يمكرون بالناس، يوهمون أنهم في طاعة الله، وهم بُغَضَاء إلى الله


(١) في أ: "سعيد بن الجريري".
(٢) في ت: "وروى بإسناده".
(٣) تفسير الطبري (٢٢/ ٨٠).
(٤) في ت: "وروى الإمام أحمد بإسناده".
(٥) المسند (٤/ ٢٦٨).
(٦) في أ: "عيسى".
(٧) زيادة من ت، س، وابن ماجه.
(٨) سنن ابن ماجه برقم (٣٨٠٩) وقال البوصيري في الزوائد (٣/ ١٩٣): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".
(٩) زيادة من ت.