للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عبد الرحمن في تفسيرها: ألا ترى الناس، يعيش الإنسان مائة سنة، وآخر يموت حين يولد فهذا هذا.

وقال قتادة: والذي ينقص من عمره: فالذي يموت قبل ستين سنة.

وقال مجاهد: (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ) أي: في بطن أمه يكتب له ذلك، لم يخلق الخلق على عمر واحد، بل لهذا عمر، ولهذا عمر هو أنقص من عمره، وكل ذلك مكتوب لصاحبه، بالغ ما بلغ.

وقال بعضهم: بل معناه: (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ) أي: ما يكتب من الأجل (وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ)، وهو ذهابه قليلا قليلا الجميع معلوم عند الله سنة بعد سنة، وشهرًا بعد شهر، وجمعة بعد جمعة، ويومًا بعد يوم، وساعة بعد ساعة، الجميع مكتوب عند الله في كتاب.

نقله (١) ابن جرير عن أبي مالك، وإليه ذهب السُّدِّيّ، وعطاء الخراساني. واختار ابن جرير [القول] (٢) الأول، وهو كما قال.

وقال النسائي عند تفسير هذه الآية الكريمة: حدثنا أحمد بن يحيى بن أبي زيد بن سليمان، سمعت ابن وهب يقول: حدثني يونس، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، ، قال: سمعت رسول الله يقول: "مَنْ سرَّه أن يُبْسَط له في رزقه، ويُنْسَأ له في أجله (٣) فليصل رَحِمَه".

وقد رواه البخاري ومسلم وأبو داود، من حديث يونس بن يزيد الأيلي، به (٤).

وقال (٥) ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا الوليد بن عبد الملك بن عبيد الله أبو مسرح، حدثنا عثمان بن عطاء، عن مسلمة (٦) بن عبد الله، عن عمه أبي مَشْجَعَة بن ربعي، عن أبي الدرداء، ، قال: ذكرنا عند رسول الله فقال: "إن الله لا يؤخر نفسًا إذا جاء أجلها، وإنما زيادة العمر بالذرية الصالحة يرزقها العبد، فيدعون له من بعده، فيلحقه دعاؤهم في قبره، فذلك زيادة العمر".

وقوله: (إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) أي: سهل عليه، يسير لديه علمه بذلك وبتفصيله في جميع مخلوقاته، فإن علمه شامل لجميع ذلك لا يخفى منه عليه شيء.

﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢)﴾.

يقول تعالى منبها على قدرته العظيمة في خلقه الأشياء المختلفة: وخلق البحرين العذب الزلال،


(١) في أ: "رواه".
(٢) زيادة من ت، أ.
(٣) في ت، س، أ: "أثره".
(٤) النسائي في السنن الكبرى برقم (١١٤٢٩) وصحيح البخاري برقم (٢٠٦٧) وصحيح مسلم برقم (٢٥٥٧) وسنن أبي داود برقم (١٦٩٣).
(٥) في ت: "وروى".
(٦) في أ: "سلمة".