للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سعيد بن جبير: الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله ﷿.

وقال الحسن البصري: العالم مَن خشي الرحمن بالغيب، ورغب فيما رغب الله فيه، وزهد فيما سَخط الله فيه، ثم تلا الحسن: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ).

وعن ابن مسعود، ، أنه قال: ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن (١) كثرة الخشية.

وقال أحمد بن صالح المصري، عن ابن وهب، عن مالك قال: إن العلم ليس بكثرة الرواية، وإنما العلم نور يجعله الله في القلب.

قال أحمد بن صالح المصري (٢): معناه: أن الخشية لا تدرك بكثرة الرواية، وأما العلم الذي فرض (٣) الله، ﷿، أن يتبع فإنما هو الكتاب والسنة، وما جاء عن الصحابة، ، ومن بعدهم من أئمة المسلمين، فهذا لا يدرك إلا بالرواية ويكون تأويل قوله: "نور" يريد به فهم العلم، ومعرفة معانيه.

وقال سفيان الثوري، عن أبي حيان [التميمي] (٤)، عن رجل قال: كان يقال: العلماء ثلاثة: عالم بالله عالم بأمر الله، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله. فالعالم بالله وبأمر الله: الذي يخشى الله ويعلم الحدود والفرائض. والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله: الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض. والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى الله ﷿.

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠)﴾.

يخبر تعالى عن عباده المؤمنين الذين يتلون كتابه ويؤمنون به ويعملون بما فيه، من إقام الصلاة، والإنفاق مما رزقهم الله في الأوقات المشروعة ليلا ونهارا، سرا وعلانية، (يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) أي: يرجون ثوابا عند الله لا بد من حصوله. كما قدمنا في أول التفسير عند فضائل القرآن أنه يقول لصاحبه: "إن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة"؛ ولهذا قال تعالى: (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أي: ليوفيهم ثواب ما فعلوه ويضاعفه لهم بزيادات لم تخطر لهم، (إِنَّهُ غَفُورٌ) أي: لذنوبهم، (شَكُورٌ) للقليل من أعمالهم.

قال قتادة: كان مُطَرف، ، إذا قرأ هذه الآية يقول: هذه آية القراء.


(١) في ت، س: "من".
(٢) في ت: "المري".
(٣) في ت، س: "فرضه".
(٤) زيادة من ت، س، أ.