للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي: عقوبة شديدة. فقالت لهم رسلهم: (طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ) أي: مردود عليكم، كقوله تعالى في قوم فرعون: ﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ١٣١]، وقال قوم صالح: (١) ﴿اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [النمل: ٤٧]. وقال قتادة، ووهب بن منبه: أي أعمالكم معكم. وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٧٨].

وقوله: (أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) أي: من أجل أنا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد الله وإخلاص العبادة له، قابلتمونا بهذا الكلام، وتوعدتمونا وتهددتمونا؟ بل أنتم قوم مسرفون.

وقال قتادة: أي إن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا، بل أنتم قوم مسرفون.

﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١) وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ (٢٣) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (٢٥)﴾.

قال ابن إسحاق -فيما بلغه عن ابن عباس وكعب الأحبار ووهب بن منبه-: إن أهل القرية هَمّوا بقتل رسلهم فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى، أي: لينصرهم من قومه -قالوا: وهو حبيب، وكان يعمل الجرير -وهو (٢) الحبال-وكان رجلا سقيما (٣) قد أسرع فيه الجذام، وكان كثير الصدقة، يتصدق بنصف كسبه، مستقيم النظرة. (٤)

وقال ابن إسحاق عن رجل سماه، عن الحكم، عن مِقْسَم -أو: عن مجاهد-عن ابن عباس قال: [كان] (٥) اسم صاحب يس حبيب، وكان الجذام قد أسرع فيه.

وقال الثوري، عن عاصم الأحول، عن أبي مجْلَز: كان اسمه حبيب بن مري.

وقال شبيب بن بشر، (٦) عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس [أيضا] (٧) قال: اسم صاحب يس حبيب النجار، فقتله قومه.

وقال السدي: كان قَصَّارا. وقال عمر بن الحكم: كان إسكافا. وقال قتادة: كان يتعبد في غار هناك.

(قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ): يحض قومه على اتباع الرسل الذين أتوهم، (اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا) أي: على إبلاغ الرسالة، (وَهُمْ مُهْتَدُونَ) فيما يدعونكم إليه، من عبادة الله وحده لا شريك له.


(١) في ت، س: "لوط" وفي أ: "شعيب".
(٢) في ت، س، أ: "يعنى".
(٣) في أ: "مستقيما".
(٤) في أ: "الفطرة".
(٥) زيادة من ت، س.
(٦) في أ: "بشير".
(٧) زيادة من ت.