للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال: (بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي: يأمر بالشيء أمرًا واحدًا، لا يحتاج إلى تكرار:

إذَا مَا أَرَادَ اللهُ أَمْرًا فَإِنَّمَا … يَقُولُ لَهُ "كُنْ" قَوْلَة فَيَكُونُ (١)

وقال (٢) الإمام أحمد: حدثنا ابن نُمَيْر، حدثنا موسى بن المسَيَّب، عن شَهْر، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن أبي ذَر، ، إن رسول الله قال: "إن الله يقول: يا عبادي، كلكم مذنب إلا من عافيت، فاستغفروني أغفر لكم. وكلكم فقير إلا من أغنيت، إني جواد ماجد واجد أفعل ما أشاء، عطائي كلام، وعذابي كلام، إذا أردت شيئًا فإنما أقول له كن فيكون". (٣)

وقوله: (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي: تنزيه وتقديس وتبرئة من السوء للحي القيوم، الذي بيده مقاليد السموات والأرض، وإليه يرجع الأمر كله، وله الخلق والأمر، وإليه ترجع العباد يوم القيامة، فيجازي كل عامل بعمله، وهو العادل المتفضل.

ومعنى قوله: (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) كقوله ﷿: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [المؤمنون: ٨٨]، (٤) وكقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: ١]، فالملك والملكوت واحد في المعنى، كرحمة ورَحَمُوت، ورَهْبَة ورَهَبُوت، وجَبْر وجَبَرُوت. ومن الناس من زعم أن المُلْك هو عالم الأجساد (٥) والملكوت هو عالم الأرواح، والأول هو الصحيح، وهو الذي عليه الجمهور من المفسرين وغيرهم.

قال (٦) الإمام أحمد: حدثنا حماد، عن عبد الملك بن عمير، حدثني ابن عم لحذيفة، عن حذيفة -وهو ابن اليمان-، قال: قمت مع رسول الله ذات ليلة، فقرأ السبع الطُّوَل (٧) في سبع ركعات، وكان إذا رفع رأسه من الركوع قال: "سمع الله لمن حمده". ثم قال: "الحمد لذي (٨) ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة" وكان ركوعه مثل قيامه، وسجوده مثل ركوعه، فأنصرف وقد كادت تنكسر رجلاي. (٩)

وقد روى أبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، من حديث شعبة، عن عمرو بن مُرة، عن أبي حَمْزة -مولى الأنصار-عن رجل من بني عَبْس، عن حذيفة؛ أنه رأى رسول الله من الليل، وكان يقول: "الله أكبر -ثلاثًا -ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة". ثم استفتح فقرأ البقرة، ثم ركع فكان ركوعه نحوا من قيامه، وكان يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم". ثم رفع رأسه من الركوع، فكان قيامه نحوا من ركوعه، يقول: [" لربي الحمد". ثم سجد، فكان سجوده نحوا من] (١٠) قيامه، وكان يقول في سجوده: "سبحان ربي الأعلى". ثم رفع


(١) انظر البيت عند تفسير الآية: ٤٠ من سورة النحل.
(٢) في ت: "وروى".
(٣) المسند (٥/ ١٧٧).
(٤) في ت: "قل من بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون" وهو خطأ.
(٥) في ت، س: "الأجسام".
(٦) في ت: "وروى".
(٧) في ت: "الطوال".
(٨) في ت، س: "لله".
(٩) المسند (٥/ ٣٨٨).
(١٠) زيادة من ت، وأبي داود.