للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن عباس، وعكرمة: هو اللزج. وقال قتادة: هو الذي يلزق باليد.

وقوله: (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) أي: بل عجبت -يا محمد-من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث، وأنت موقن مصدق بما أخبر الله به من الأمر العجيب، وهو إعادة الأجسام بعد فنائها. وهم بخلاف أمرك، من شدة تكذيبهم يسخرون مما تقول لهم من ذلك.

قال قتادة: عجب محمد ، وسَخِر ضُلال بني آدم. (وَإِذَا رَأَوْا آيَةً) أي: دلالة واضحة على ذلك (يَسْتَسْخِرُونَ) قال مجاهد وقتادة: يستهزئون.

(وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ) أي: إن هذا الذي جئت به إلا سحر مبين، (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الأوَّلُونَ) يستبعدون ذلك ويكذبون به، (قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ) أي: قل لهم يا محمد: نعم تبعثون يوم القيامة بعد ما تصيرون ترابا وعظاما، (وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ) أي: حقيرون تحت القدرة العظيمة، كما قال تعالى ﴿وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ [النمل: ٨٧]، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠].

ثم قال: (فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ) أي: إِنما هو أمر واحد من الله ﷿، يدعوهم دعوة واحدة أن يخرجوا من الأرض، فإذا هم [قيام] (١) بين يديه، ينظرون إلى أهوال يوم القيامة.

﴿وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤)

يخبر تعالى عن قِيلِ الكفار يوم القيامة أنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة، ويعترفون بأنهم (٢) كانوا ظالمين لأنفسهم في الدار الدنيا، فإذا عاينوا أهوال القيامة نَدمُوا كلَّ الندم حيث لا ينفعهم الندم، (وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ). فتقول لهم الملائكة والمؤمنون: (هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ). وهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ، ويأمر الله الملائكة أن تُميزَ الكفار من المؤمنين في الموقف في محشرهم ومنشرهم، ولهذا قال تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) قال النعمان بن بشير (٣) ، يعني بأزواجهم أشباههم وأمثالهم. وكذا قال ابن عباس، وسعيد


(١) زيادة من ت، س، أ.
(٢) في ت: "أنهم".
(٣) في أ: "بشر".