للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال في رواية عنه: (شَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ) مزجا من حميم.

وقال غيره: يعني يمزج لهم الحميم بصديد وغساق، مما يسيل من فروجهم وعيونهم.

وقال (١) ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا حَيْوَة بن شُرَيح الحضرمي، حدثنا بَقيَّة بن الوليد، عن صفوان بن عمرو، أخبرني عبيد بن بسر (٢) عن (٣) أبي أمامة الباهلي عن رسول الله ، أنه كان يقول: "يقرب -يعني إلى أهل النار-ماء فيتكرهه، فإذا أدنى منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه فيه. (٤) فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره" (٥).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن رافع، حدثنا يعقوب بن عبد الله، عن جعفر وهارون بن عنترة، (٦) عن سعيد بن جبير قال: إذا جاع أهل النار استغاثوا بشجرة الزقوم، فأكلوا منها فاختلست جلود وجوههم [فيها]. (٧) فلو أن مارا يمر بهم يعرفهم لعرف وجوههم فيها، ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل -وهو الذي قد انتهى حره-فإذا أدنوه من أفواههم اشتوى من حره لحوم وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود، ويصهر ما في بطونهم، فيمشون تسيل أمعاؤهم وتتساقط جلودهم، ثم يضربون بمقامع من حديد، فيسقط كل عضو على حياله، يدعون بالثبور.

وقوله: (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ) أي: ثم إن مردهم بعد هذا الفصل لإلى نار تتأجج، وجحيم تتوقد، وسعير تتوهج، فتارة في هذا وتارة في هذا، كما قال تعالى: ﴿يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ [الرحمن: ٤٤]. هكذا تلا قتادة هذه الآية عند هذه الآية، وهو تفسير حسن قوي.

وقال السدي في قراءة عبد الله: "ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم" وكان عبد الله يقول: والذي نفسي بيده لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار. ثم قرأ: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا﴾ [الفرقان: ٢٤].

وروى الثوري، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء ويقيل هؤلاء. قال سفيان: أراه، ثم قرأ: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا﴾، "ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم".

قلت: على هذا التفسير تكون "ثم" عاطفة لخبر على خبر.

وقوله: (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ) أي: إنما جازيناهم بذلك لأنهم وجدوا آباءهم على الضلالة فاتبعوهم فيها بمجرد ذلك، من غير دليل ولا برهان؛ ولهذا قال: (فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ) قال


(١) في ت: "وروى".
(٢) في س، أ: "بشير".
(٣) في ت: "بإسناده".
(٤) في ت، أ: "فروة رأسه في فيه".
(٥) ورواه أحمد في مسنده (٥/ ٢٦٥) والحاكم في المستدرك (٢/ ٣٥١) من طريق عبد الله بن المبارك عن صفوان بن عمرو به.
(٦) في ت: "وروى أيضا بإسناده"
(٧) زيادة من ت.