للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، (١) [في] (٢) قوله: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) إلى آخر الآية، قال: قد دعا الله إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله، ومن زعم أن المسيح هو ابن الله، ومن زعم أن عزيرا (٣) ابن الله، ومن زعم أن الله فقير، ومن زعم أن يد الله مغلولة، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة، يقول الله تعالى لهؤلاء: ﴿أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: ٧٤] ثم دعا إلى توبته من هو أعظم قولا من هؤلاء، من قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]، وقال ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨]. قال ابن عباس [] (٤) من آيس عباد الله (٥) من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله، ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه.

وروى الطبراني من طريق الشعبي، عن شُتَير بن شَكَل أنه قال: سمعت ابن مسعود يقول إن أعظم آية في كتاب الله: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، وإن أجمع آية في القرآن بخير وشر: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ [النحل: ٩٠]، وإن أكثر آية في القرآن فرجا في سورة الغرف: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ)، وإن أشد آية في كتاب الله تصريفا (٦) ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: ٢، ٣]. فقال له مسروق: صدقت.

وقال الأعمش، عن أبي سعيد، عن أبي الكنود قال: مر عبد الله -يعني ابن مسعود-على قاص، وهو يذكر الناس، فقال: يا مذكر لم تُقَنِّط (٧) الناس؟ ثم قرأ: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) رواه ابن أبي حاتم.

ذكر أحاديث فيها نفي القنوط:

قال (٨) الإمام أحمد: حدثنا سريج بن النعمان، حدثنا أبو عبيدة عبد المؤمن بن عبيد الله (٩)، حدثني أخشن السدوسي قال: دخلت على أنس بن مالك (١٠) فقال (١١) سمعت رسول الله يقول: "والذي نفسي بيده، لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم الله لغفر لكم، والذي نفس محمد بيده، لو لم تخطئوا (١٢) لجاء الله بقوم يخطئون، ثم يستغفرون الله فيغفر لهم" تفرد به [الإمام] (١٣) أحمد (١٤). وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى (١٥) حدثني ليث حدثني محمد بن قيس -قاص عمر بن عبد العزيز-عن أبي صِرْمة، عن أبي أيوب الأنصاري، ، أنه قال حين حضرته الوفاة: قد كنت كتمت منكم شيئا سمعته من رسول الله يقول: "لولا أنكم تذنبون، لخلق الله


(١) في س: "عنه".
(٢) زيادة من أ.
(٣) في ت: العزير."
(٤) زيادة من ت.
(٥) في أ: "العباد".
(٦) في ت، س: "تفويضا".
(٧) في س: "يقنط".
(٨) في ت: "روى".
(٩) في أ: "عبيد الله السدوسي".
(١٠) في ت: "عن ابن مالك" وفي أ: "أنس بن مالك ".
(١١) في ت: "قال".
(١٢) في ت: "تخطئون".
(١٣) زيادة من أ.
(١٤) المسند (٣/ ٢٣٨).
(١٥) في أ: "إسحاق بن أبي عيسى".