للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النعيم، فلم تُغَير أبشارهم بعدها أبدا، ولم تُشْعَث أشعارهم أبدا بعدها، كأنما دهنوا بالدهان، ثم عمدوا إلى الأخرى كأنما أمروا بها، فشربوا منها، فأذهبت ما كان في بطونهم من أذى أو قذى، وتلقتهم الملائكة على أبواب (١) الجنة: (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ). ويلقى كل غلمان صاحبهم يطيفُون به، فعل (٢) الولدان بالحميم جاء من الغيبة: أَبْشِر، قد أعَد الله لك من الكرامة كذا وكذا، قد أعد الله لك من الكرامة كذا وكذا. وقال: وينطلق غلام من غلمانه إلى أزواجه من الحور العين، فيقول: هذا فلان -باسمه في الدنيا-فيقلن: أنت رأيته؟ فيقول: نعم. فيستخفهن الفرح حتى تخرج إلى أَسكُفَّة (٣) الباب. قال: فيجيء فإذا هو بنمارق مصفوفة، وأكواب موضوعة، وزرابي مبثوثة. قال: ثم ينظر إلى تأسيس بنيانه (٤)، فإذا هو قد أسس على جندل اللؤلؤ، بين أحمر وأخضر وأصفر [وأبيض] (٥)، ومن كل لون. ثم يرفع طرفه إلى سقفه، فلولا أن الله قدره له، لألمَّ أن يذهب ببصره، إنه لمثل البرق. ثم ينظر إلى أزواجه من الحور العين، ثم يتكئ على أريكة من أرائكه، ثم يقول: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٤٣] الآية (٦).

ثم قال: حدثنا، أبي حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النّهْدِي، حدثنا مسلمة (٧) بن جعفر البجلي قال: سمعت أبا معاذ البصري يقول: إن عليا، ، كان ذات يوم عند رسول الله ، فقال النبي (٨) : "والذي نفسي، بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم يُسْتَقبلون -أو: يُؤْتون-بنوق لها أجنحة، وعليها رحال الذهب، شراك نعالهم نور يتلألأ كل خطوة منها مد البصر، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان، فيشربون من إحداهما فيُغْسَل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى، فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبدا، وتجري عليهم نضرة النعيم، فينتهون -أو: فيأتون-باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب، فيضربون بالحلقة على الصفيحة (٩)، فيسمع (١٠) لها طنين يا علي، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتبعث قَيّمها فيفتح له، فإذا رآه خَرّ له -قال مسلمة: أراه قال: ساجدًا (١١) -فيقول: ارفع رأسك، فإنما أنا قَيمك، وُكِّلْتُ بأمرك. فيتبعه ويقفو أثره، فتستخف الحوراء العجلة، فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه، ثم تقول: أنت حبي، وأنا حبك، وأنا الخالدة التي لا أموت، وأنا الناعمة التي لا أبأس، وأنا الراضية التي لا أسخط، وأنا المقيمة التي لا أظعن". فيدخل بيتًا من أسّه إلى سقفه مائة ألف ذراع، بناؤه على جندل اللؤلؤ، طرائق أصفر وأخضر وأحمر، ليس فيها (١٢) طريقة تشاكل صاحبتها، في البيت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون حَشْيَة، على كل حشية سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مُخّ ساقها من باطن الحُلَل، يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه. الأنهار


(١) في أ: "باب".
(٢) في أ: "مثل".
(٣) في س: "أسفكة".
(٤) في أ: "بنائه".
(٥) زيادة من ت، س، أ.
(٦) ورواه الطبري في تفسيره (٢٤/ ٣٥) وابن المبارك في الزهد برقم (١٤٥٠) والضياء المقدسي في المختارة (٥٤١) من طرق عن أبي إسحاق بنحوه.
(٧) في ت، أ: "سلمة".
(٨) في ت: "رسول الله".
(٩) في س: "الصفحة".
(١٠) في أ: "فلو سمع".
(١١) في ت: "خر له ساجد" وهو خطأ والصواب: "ساجدا".
(١٢) في ت، س:: منها".