للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من تحتهم تَطّرد، أنهار من ماء غير آسن -قال: صاف، لا كدر فيه-وأنهار من لبن لم يتغير طعمه -قال: لم يخرج من ضروع الماشية-وأنهار من خمر لذة للشاربين -قال: لم تعصرها الرجال بأقدامهم -وأنهار من عسل مصفى-قال: لم يخرج من بطون النحل. يستجني الثمار، فإن شاء قائما، وإن شاء قاعدا، وإن شاء متكئا -ثم تلا ﴿وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا﴾ [الإنسان: ١٤]-فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض-قال: وربما قال: أخضر. قال: -فترفع أجنحتها، فيأكل من جنوبها، أي الألوان شاء، ثم يطير فيذهب (١)، فيدخل الملك فيقول: سلام عليكم، تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون. ولو أن شعرة من شعر (٢) الحوراء وقعت لأهل الأرض، لأضاءت الشمس معها سوادًا في نور".

هذا حديث غريب، وكأنه مرسل، والله أعلم.

﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٧٥)

لما ذكر تعالى حكمه في أهل الجنة والنار، وأنه نزل كُلا في المحل الذي يليق به ويصلح له وهو العادل في ذلك الذي لا يجور -أخبر عن ملائكته أنهم محدقون من حول عرشه المجيد، يسبحون بحمد ربهم، ويمجدونه (٣) ويعظمونه ويقدسونه وينزهونه عن النقائص والجور، وقد فصل القضية، وقضى الأمر، وحكم بالعدل؛ ولهذا قال: (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي: بين الخلائق (بِالْحَقِّ)

ثم قال: (وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أي: ونطق الكون أجمعه (٤) -ناطقه وبهيمه-لله رب العالمين، بالحمد في حكمه وعدله؛ ولهذا لم يسند القول إلى قائل بل أطلقه، فدل على أن جميع المخلوقات شَهِدَت له بالحمد.

قال قتادة: افتتح الخلق بالحمد في قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ [الأنعام: ١] واختتم بالحمد في قوله: (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

آخر تفسير سورة الزمر ولله الحمد (٥) [أولا وآخرًا ظاهرًا وباطنًا] (٦)


(١) في س: "ثم تطير فتذهب".
(٢) في ت: "شعور".
(٣) في أ: "ويحمدونه".
(٤) في ت، س: "جميعه".
(٥) في أ: "والله أعلم".
(٦) زيادة من س.