للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عكرمة: (ذِي الطَّوْلِ) ذي المن.

وقال قتادة: [يعني] (١) ذي النعم والفواضل.

والمعنى: أنه المتفضل على عباده، المتطول عليهم بما هو فيه من المنن والأنعام، التي لا يطيقون القيام بشكر واحدة منها، ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ][إبراهيم: ٣٤] (٢).

وقوله: (لا إِلَهَ إِلا هُوَ) أي: لا نظير له في جميع صفاته، فلا إله غيره، ولا رب سواه (إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أي: المرجع والمآب، فيجازي كل عامل بعمله، ﴿وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ٤١].

وقال أبو بكر بن عياش: سمعت أبا إسحاق السَّبِيعي يقول: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب [] (٣) فقال: يا أمير المؤمنين إني قَتَلْتُ، فهل لي من توبة؟ فقرأ عليه (حم * تَنزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ) وقال: اعمل ولا تيأس.

رواه ابن أبي حاتم -واللفظ له-وابن جرير (٤).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن مروان الرِّقِّي، حدثنا عمر -يعني ابن أيوب-أخبرنا جعفر بن بَرْقان، عن يزيد بن الأصم (٥) قال: كان رجل من أهل الشام ذو بأس، وكان يفد إلى عمر بن الخطاب [] (٦)، ففقده عمر فقال: ما فعل فلان بن فلان؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين، يتابع في هذا الشراب. قال: فدعا عمر كاتبه، فقال: اكتب: "من عمر بن الخطاب إلى فلان ابن فلان، سلام عليك، [أما بعد] (٧): فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير". ثم قال لأصحابه: ادعوا الله لأخيكم أن يُقْبِل بقلبه، وأن يتوب الله عليه (٨). فلما بلغ الرجل كتابُ عمر جعل يقرؤه ويردده، ويقول: غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، قد حذرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي.

ورواه الحافظ أبو نعيم من حديث جعفر بن برقان، وزاد: "فلم يزل يُرَدّدها على نفسه، ثم بكى ثم نزع فأحسن النزع فلما بلغ عمر [] (٩) خبرهُ قال: هكذا فاصنعوا، إذا رأيتم أخاكم زل زلَّة فسددوه ووفقوه، وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانًا للشيطان عليه" (١٠).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمر بن شَبَّة (١١)، حدثنا حماد بن واقد -أبو عُمَر الصفار-، حدثنا ثابت البناني، قال: كنت مع مصعب بن الزبير في سواد الكوفة، فدخلت حائطًا أصلي ركعتين فافتتحت: (حم) المؤمن، حتى بلغت: (لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) فإذا رجل خلفي على بغلة شهباء عليه مُقَطَّعات يمنية فقال: إذا قلت: (غَافِرِ الذَّنْبِ) فقل: "يا غافر الذنب، اغفر لي ذنبي".


(١) زيادة من ت.
(٢) زيادة من ت، وفي الأصل: "الآية".
(٣) زيادة من ت، أ.
(٤) تفسير الطبري (٢٤/ ٢٧).
(٥) في ت: "وروى أيضا بإسناده عن يزيد بن الأصم".
(٦) زيادة من ت.
(٧) زيادة من أ.
(٨) في س، أ: "أن يقبل بقلبه ويتوب عليه".
(٩) زيادة من أ.
(١٠) حلية الأولياء (٤/ ٩٧).
(١١) في أ: "ابن أبي شيبة".