للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإذا قلت: (وَقَابِلِ التَّوْبِ)، فقل: "يا قابل التوب، اقبل توبتي". وإذا قلت: (شَدِيدُ الْعِقَابِ)، فقل: "يا شديد العقاب، لا تعاقبني". قال: فالتفت فلم أر أحدًا، فخرجت إلى الباب فقلت: مَرّ بكم رجل عليه مقطعات يمنية؟ قالوا: ما رأينا أحدًا فكانوا يُرَون أنه إلياس.

ثم رواه من طريق أخرى، عن ثابت، بنحوه. وليس فيه ذكر إلياس.

﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (٤) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (٥) وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٦)

يقول تعالى: ما يدفع الحق ويجادل فيه بعد البيان وظهور البرهان (إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: الجاحدون لآيات الله وحججه وبراهينه، (فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) أي: في أموالهم ونعيمها وزهرتها، كما قال: ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: ١٩٦ - ١٩٧]، وقال تعالى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ [لقمان: ٢٤].

ثم قال تعالى مسليًا لنبيه (١) محمد في تكذيب من كذبه من قومه، بأن له أسوة من سلف من الأنبياء؛ فإنه قد كذبهم (٢) أممهم وخالفوهم، وما آمن بهم منهم إلا قليل (٣)، فقال: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) وهو أول رسول بَعَثه الله ينهى عن عبادة الأوثان، (وَالأحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ) أي: من كل أمة، (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) أي: حرصوا على قتله بكل ممكن، ومنهم من قتل رسوله (٤)، (وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) أي: مَاحَلُوا بالشبهة (٥) ليردوا الحق الواضح الجلي.

وقد قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عارم أبو النعمان، حدثنا مُعْتَمِر بن سليمان قال: سمعت أبي يحدث عن حَنَش، عن عكرمة، عن ابن عباس (٦) [] (٧)، عن النبي قال: "من أعان باطلا ليدحض بباطله حقًّا، فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله" (٨).

وقوله: (فَأَخَذْتُهُمْ) أي: أهلكتهم على ما صنعوا من هذه الآثام والذنوب العظام، (فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ) أي: فكيف بلغك عذابي لهم، ونكالي بهم؟ قد كان شديدًا موجعًا مؤلمًا.

قال قتادة: كان والله شديدًا.


(١) في ت: "لرسوله".
(٢) في س، أ: "كذبتهم".
(٣) في ت، س: "القليل".
(٤) في ت، س، أ: "رسولهم".
(٥) في ت، أ: "ما جاءوا به من الشبهة".
(٦) في ت: "وقد روى الطبراني بإسناده".
(٧) زيادة من أ.
(٨) المعجم الكبير (١١/ ٢١٥) ورواه الحاكم في المستدرك (٤/ ١٠٠) من طريق علي بن عبد العزيز به موقوفا وقال: "صحيح الإسناد" وتعقبه الذهبي بقوله: "فيه حنش الرحبي وهو ضعيف".