للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا كما كذب فرعون في قوله: ﴿وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾.

ثم زهدهم في الدنيا التي [قد] (١) آثروها على الأخرى، وصدتهم عن التصديق برسول الله موسى [] (٢)، فقال: (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ) أي: قليلة زائلة فانية عن قريب تذهب [وتزول] (٣) وتضمحل، (وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) أي: الدار التي لا زوال لها، ولا انتقال منها ولا ظعن عنها إلى غيرها، بل إما نعيم وإما جحيم، ولهذا قال (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا) أي: واحدة مثلها (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) أي: لا يتقدر بجزاء بل يثيبه الله، ثوابا كثيرا لا انقضاء له ولا نفاد.

﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (٤٢) لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٤٣) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٤٤) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)

يقول لهم المؤمن: ما بالي أدعوكم إلى النجاة، وهي عبادة الله وحده لا شريك له وتصديق رسوله الذي بعثه (وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لأكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) أي: جهل (٤) بلا دليل (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) أي: هو في عزته وكبريائه يغفر ذنب من تاب إليه، (لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) يقول: حقا.

قال السدي وابن جرير: معنى قوله: (لا جَرَمَ) حقا.

وقال الضحاك: (لا جَرَمَ) لا كذب.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (لا جَرَمَ) يقول: بلى، إن الذي تدعونني إليه من الأصنام والأنداد (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ)

قال مجاهد: الوثن ليس بشيء.

وقال قتادة: يعني الوثن لا ينفع ولا يضر.

وقال السدي: لا يجيب داعيه، لا في الدنيا ولا في الآخرة.

وهذا كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٥، ٦]، ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ [فاطر: ١٤].


(١) زيادة من ت، س، أ.
(٢) زيادة من ت.
(٣) زيادة من ت.
(٤) في ت، أ: "على جهل".