للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقولون إنهم ستمائة ألف مقاتل (١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق، أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر (٢) قال: قال رسول الله : "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار. فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله، ﷿، إلى يوم القيامة".

أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك، به (٣).

﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (٤٧) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (٤٨) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (٤٩)

يخبر تعالى عن تحاج أهل النار في النار، وتخاصمهم، وفرعون وقومه من جملتهم (فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ) وهم: الأتباع (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) وهم: القادة والسادة والكبراء: (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا) أي: أطعناكم فيما دعوتمونا إليه في الدنيا من الكفر والضلال، (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ) أي: قسطا تتحملونه عنا.

(قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا) أي: لا نتحمل عنكم شيئا، كفى بنا ما عندنا، وما حملنا من العذاب والنكال. (إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ) أي: يقسم (٤) بيننا العذاب بقدر ما يستحقه كل منا، كما قال تعالى: ﴿قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨].

(وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ) لما علموا أن الله، سبحانه، لا يستجيب منهم ولا يستمع لدعائهم، بل قد قال: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨] سألوا الخزنة -وهم كالبوابين (٥) لأهل النار-أن يدعوا لهم الله أن يخفف عن الكافرين ولو يوما واحدا من العذاب.

﴿قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ (٥٠)

فقالت لهم الخزنة رادين عليهم: (أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ) أي: أوما قامت عليكم الحجج في الدنيا على ألسنة الرسل؟ (قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا) أي: أنتم لأنفسكم، فنحن لا ندعو لكم ولا نسمع منكم ولا نود خلاصكم، ونحن منكم برآء، ثم نخبركم أنه سواء دعوتم أو لم تدعوا لا يستجاب لكم ولا يخفف عنكم؛ ولهذا قالوا (٦): (وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ) أي: إلا من ذهاب، لا يتقبل ولا يستجاب.


(١) تفسير الطبري (٢٤/ ٤٦).
(٢) في أ: "ابن عمر ".
(٣) المسند (٢/ ١١٣) وصحيح البخاري برقم (١٣٧٩) وصحيح مسلم برقم (٢٨٦٦).
(٤) في ت: "فقسم".
(٥) في ت، أ: "كالسجانين".
(٦) في ت: "قال".