للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قولك، إنا والله ما رأينا سَخْلةً قط أشأم على قومك (١) منك؛ فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب، حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا، وأن في قريش كاهنا! والله ما ننظر (٢) إلا مثل صيحة الحُبْلى أن يقوم بعضنا إلى (٣) بعض بالسيوف، حتى نتفانى! أيها الرجل، إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا (٤) وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش [شئت] (٥) فلنزوجك عشرا. فقال رسول الله : "فَرَغْتَ؟ " قال: نعم فقال رسول الله : (بسم الله الرحمن الرحيم * حم * تَنزيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) حتى بلغ: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ فقال عتبة: حسبك! حسبك! ما عندك غير هذا؟ قال: "لا" فرجع إلى قريش فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه به إلا كلمته. قالوا: فهل أجابك؟ [قال: نعم، قالوا: فما قال؟] (٦) قال: لا والذي نصبها بَنيَّةً ما فَهِمْتُ شيئا مما قال، غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود. قالوا: ويلك! يكلمك الرجل بالعربية ما تدري ما قال؟! قال: لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة.

وهكذا رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده عن أبي بكر بن أبي شيبة بإسناده، مثله سواء (٧).

وقد ساقه البغوي في تفسيره بسنده عن محمد بن فُضَيل، عن الأجلح -وهو ابن عبد الله الكندي [الكوفي] (٨) -وقد ضُعِّفَ بعض الشيء عن الذّيَّال بن حرملة، عن جابر، فذكر الحديث إلى قوله: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ فأمسك عتبة على فيه، وناشده بالرحم، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش واحتبس عنهم. فقال أبو جهل: يا معشر قريش، والله ما نرى عتبة إلا قد صَبَا إلى محمد، وأعجبه طعامه، وما ذاك إلا من حاجة [قد] (٩) أصابته، فانطلقوا بنا إليه. فانطلقوا إليه فقال أبو جهل: يا عتبة، ما حبسك عنا إلا أنك صبوت إلى محمد وأعجبك طعامه، فإن كانت لك (١٠) حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد. فغضب عتبة، وأقسم ألا يكلم محمدا أبدا، وقال: والله، لقد علمتم أني من أكثر قريش مالا ولكني أتيته وقصصت عليه [القصة] (١١) فأجابني بشيء والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر، وقرأ السورة إلى قوله: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ فأمسكت بفيه، وناشدته بالرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب، فخشيت أن ينزل بكم العذاب (١٢).

وهذا السياق أشبه من سياق البزار وأبي يعلى، والله أعلم.

وقد أورد هذه القصة الإمام محمد بن إسحاق بن يسار في كتاب السيرة على خلاف هذا النمط، فقال:


(١) في س: "جماعته".
(٢) في س: "ننتظر".
(٣) في أ: "على".
(٤) في س، أ: "رجلا واحدا".
(٥) زيادة من س، أ.
(٦) زيادة من أ.
(٧) المنتخب لعبد بن حميد برقم (١١٢١) ومسند أبي يعلى (٣/ ٣٤٩) وفي إسناده الأجلح الكندي ضعفه النسائي وغيره.
(٨) زيادة من س، أ.
(٩) زيادة من أ.
(١٠) في س، أ: "بك".
(١١) زيادة من س، أ.
(١٢) معالم التنزيل للبغوي (٧/ ١٦٧).