للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عمران بن حصين، ، قال: دخل عليه بعض أصحابه وقد كان ابتلي في جسده، فقال له بعضهم إنا لَنَبْتَئِسُ لك لما نرى فيك. قال: فلا تبتئس بما ترى، فإن ما ترى بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر، ثم تلا هذه الآية: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)

[قال:] (١) وحدثنا أبي: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحمَّاني، حدثنا جرير عن أبي البلاد (٢) قال: قلت للعلاء بن بدر: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)، وقد ذهب بصري وأنا غلام؟ قال: فبذنوب والديك.

وحدثنا أبي: حدثنا علي بن محمد الطَّنَافسي، حدثنا وكيع، عن عبد العزيز بن أبي راود، عن الضحاك (٣) قال: ما نعلم أحدا حفظ القرآن ثم نسيه (٤) إلا بذنب، ثم قرأ الضحاك: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ). ثم يقول الضحاك: وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن.

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٥)

يقول تعالى: ومن آياته الدالة على قدرته وسلطانه، تسخيره البحر لتجري فيه الفلك بأمره، وهي الجواري في البحر كالأعلام، أي: كالجبال، قاله مجاهد، والحسن، والسدي، والضحاك، أي: هي (٥) في البحر كالجبال في البر،.

(إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ) أي: التي تسير بالسفن (٦)، لو شاء لسكنها حتى لا تتحرك (٧) السفن، بل تظل راكدة لا تجيء ولا تذهب، بل واقفة على ظهره، أي: على وجه الماء (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ) أي: في الشدائد (شكور) أي: إن في تسخيره البحر وإجرائه الهوى بقدر ما يحتاجون إليه لسيرهم، لدلالات على نعمه تعالى على خلقه (لِكُلِّ صَبَّارٍ) أي: في الشدائد، (شكور) في الرخاء.

وقوله: (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا) أي: ولو شاء لأهلك السفن وغرقها بذنوب أهلها الذين هم راكبون عليها (٨) (وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) أي: من ذنوبهم. ولو أخذهم بجميع ذنوبهم لأهلك كل من ركب البحر (٩).

وقال بعض علماء التفسير: معنى قوله: (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا) أي: لو شاء لأرسل الريح قوية عاتية، فأخذت السفن وأحالتها (١٠) عن سيرها المستقيم، فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشمال، آبقة لا تسير على طريق، ولا إلى جهة مقصد.


(١) زيادة من ت، أ.
(٢) في أ: "أبي العلا".
(٣) في ت: "وروى أيضا عن الضحاك".
(٤) في أ: "سيبه".
(٥) في أ: "هذه".
(٦) في ت: "تسير بها السفن".
(٧) في ت: "يتحرك".
(٨) في ت، م، أ: "فيها".
(٩) في م: "كل من يركب في البحر"، وفي أ: "كل من يركب البحر".
(١٠) في ت، أ: "فأجالتها"، وفي م: "فاجتالتها".