للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقطر إلى قطر، وإقليم إلى إقليم.

﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤)

(وَالَّذِي نزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ) أي: بحسب الكفاية لزروعكم (١) وثماركم وشربكم، لأنفسكم ولأنعامكم. وقوله: (فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا) أي: أرضا ميتة، فلما جاءها الماء اهتزت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج.

ثم نبه بإحياء الأرض على إحياء الأجساد يوم المعاد بعد موتها، فقال: (كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ).

ثم قال: (وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا) أي: مما تنبت الأرض من سائر الأصناف، من نبات وزروع وثمار وأزاهير، وغير ذلك [أي] (٢) من الحيوانات على اختلاف أجناسها وأصنافها، (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ) أي: السفن (وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ) أي: ذللها لكم وسخرها ويسرها لأكلكم لحومها، وشربكم ألبانها وركوبكم ظهورها؛ ولهذا قال: (لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ) (٣) أي: لتستووا (٤) متمكنين مرتفقين (عَلَى ظُهُورِهِ) أي: على ظهور هذا الجنس، (ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ) أي: فيما سخر لكم (إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) أي: مقاومين. ولولا تسخير (٥) الله لنا هذا ما قدرنا عليه.

قال ابن عباس (٦)، وقتادة، والسدي وابن زيد: (مقرنين) أي: مطيقين. (٧)

(وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) أي: لصائرون إليه بعد مماتنا، وإليه سيرنا الأكبر. وهذا من باب التنبيه بسير الدنيا على سير الآخرة، كما نبه بالزاد الدنيوي على [الزاد] (٨) الأخروي في قوله: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: ١٩٧] وباللباس الدنيوي على الأخروي في قوله تعالى: ﴿وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ] (٩)[الأعراف: ٢٦].

ذكر الأحاديث الواردة عند ركوب الدابة:

حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، :

قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا شريك بن عبد الله، عن أبي إسحاق، عن علي بن ربيعة قال: رأيت عليا، ، أتى (١٠) بدابة، فلما وضع رجله في الرِّكاب قال: باسم الله. فلما استوى عليها قال: الحمد لله، (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) ثم حمد الله ثلاثا، وكبر ثلاثا، ثم قال: سبحانك، لا إله إلا أنت، قد ظلمت نفسي فاغفر لي. ثم ضحك فقلت له: من أي شيء ضحكت (١١) يا أمير المؤمنين؟ فقال: رأيتُ رسول الله صنع كما صنعت (١٢)، ثم ضحك. فقلت: مم ضحكت يا رسول الله؟ فقال: "يعجب الرب (١٣) من عبده إذا قال: رب اغفر لي. ويقول: علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري".


(١) في ت، م: "لزرعكم".
(٢) زيادة من ت.
(٣) في ت: "ظهره".
(٤) في أ: "لتستقروا".
(٥) في م: "ولولا ما يسخر".
(٦) في أ: "عياض".
(٧) في أ: "مطيعين".
(٨) زيادة من ت، م، أ.
(٩) زيادة من أ.
(١٠) في ت: "أنه أتى".
(١١) في ت، م: "مم ضحكت".
(١٢) في ت، م، أ: "فعل مثل ما فعلت".
(١٣) في ت، م: "الرب ﷿".