للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عمرو بن الحكم بن ثوبان (١)، عن أبي لاس الخزاعي قال: حملنا رسول الله على إبل من إبل الصدقة إلى الحج. فقلنا: يا رسول الله، ما نرى (٢) أن تحملنا هذه! فقال: "ما من بعير إلا في ذروته شيطان، فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما آمركم (٣)، ثم امتهنوها لأنفسكم، فإنما يحمل الله ﷿". (٤)

أبو لاس اسمه: محمد بن الأسود بن خَلَف.

حديث آخر في معناه:

قال أحمد: حدثنا عَتَّاب، أخبرنا عبد الله (ح) وعلي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله -يعني ابن المبارك-أخبرنا أسامة بن زيد، أخبرني محمد بن حمزة؛ أنه سمع أباه يقول: سمعت رسول الله يقول: "على ظهر كل بعير شيطان، فإن ركبتموها فسموا الله، ﷿، ثم لا تقصروا عن حاجاتكم". (٥)

﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (١٩) وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ (٢٠)

يقول تعالى مخبرا عن المشركين فيما افتروه وكذبوه في جعلهم بعض الأنعام لطواغيتهم وبعضها لله، كما ذكر الله عنهم في سورة "الأنعام"، في قوله: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [الأنعام: ١٣٦]. وكذلك جعلوا له من قسمي (٦) البنات والبنين أخسَّهما وأردأهما وهو البنات، كما قال تعالى: ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ [النجم: ٢١، ٢٢]. وقال هاهنا: (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ)

ثم قال: (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ) وهذا إنكار عليهم غاية الإنكار. ثم ذكر تمام الإنكار فقال: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) أي: إذا بشر أحد هؤلاء بما جعلوه لله من البنات يأنف من ذلك غاية الأنفة، وتعلوه كآبة من سوء ما بشر به،


(١) في ت: "رواه الإمام أحمد بسنده".
(٢) في م: "ما ترى".
(٣) في ت: "أمرتم".
(٤) المسند (٤/ ٢٢١) ورجاله ثقات.
(٥) المسند (٣/ ٤٩٤) وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ١٣١): "رجاله رجال الصحيح غير محمد بن حمزة وهو ثقة".
(٦) في ت: "من كل قسم".