للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها (١).

وقوله: (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ) أي: بالقرآن (فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ) أي: كذب (قَدِيمٌ) أي: مأثور عن الأقدمين، فينتقصون القرآن وأهله، وهذا هو الكبر الذي قال رسول الله : "بطر (٢) الحق، وغَمْط الناس" (٣).

ثم قال: (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى) وهو التوراة (إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ) يعني: القرآن (مُصَدِّقٌ) أي: لما قبله من الكتب (لِسَانًا عَرَبِيًّا) أي: فصيحا بينا واضحا، (لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ) أي: مشتمل على النّذارة للكافرين والبشارة للمؤمنين.

وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) تقدم تفسيرها في سورة "حم، السجدة". (٤)

وقوله: (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) أي: فيما يستقبلون، (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) على ما خلفوا، (أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) أي: الأعمال سبب لنيل الرحمة لهم وسُبُوغها (٥) عليهم.

﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (١٦)﴾.

لما ذكر تعالى في الآية الأولى التوحيد له وإخلاص العبادة والاستقامة إليه، عطف بالوصية بالوالدين، كما هو مقرون في غير ما آية من القرآن، كقوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: ٢٣] وقال: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: ١٤]، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة. وقال هاهنا: (وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا) أي: أمرناه بالإحسان إليهما والحنو عليهما.

وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، أخبرني سِمَاك بن حرب قال: سمعت مُصْعب بن سعد (٦) يحدث عن سعد قال: قالت أم سعد لسعد: أليس قد أمر الله بطاعة الوالدين، فلا آكل طعاما، ولا أشرب شرابا حتى تكفر بالله. فامتنعت من الطعام والشراب، حتى جعلوا يفتحون فاها بالعصا، ونزلت هذه الآية: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ الآية [العنكبوت: ٨].


(١) في ت، م: "إليه".
(٢) في أ: "الكبر بطر".
(٣) رواه مسلم في صحيحه برقم (٩١) من حديث عبد الله بن مسعود، .
(٤) راجع تفسير هذه الآية عند الآية: ٣٠ من حم السجدة.
(٥) وشيوعها".
(٦) في أ: "حرب".