للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه مسلم وأهل السنن إلا ابن ماجه، من حديث شعبة بإسناده، نحوه وأطول منه (١).

(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا) أي: قاست بسببه في حال حمله مشقة وتعبا، من وِحَام وغشيان وثقل وكرب، إلى غير ذلك مما تنال الحوامل من التعب والمشقة، (وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا) أي: بمشقة أيضا من الطلق وشدته، (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا)

وقد استدل علي، ، بهذه الآية مع التي في لقمان: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ [لقمان: ١٤]، وقوله: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وهو استنباط قوي صحيح. ووافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة، .

قال محمد بن إسحاق بن يسار، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط، عن بَعْجَةَ (٢) بن عبد الله الجهني قال: تزوج رجل منا امرأة من جُهَيْنة، فولدت له لتمام ستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان فذكر ذلك له، فبعث إليها، فلما قامت لتلبس ثيابها بكت أختها، فقالت: ما يبكيك؟! فوالله ما التبس بي أحد من خلق الله غيره قط، فيقضي الله في ما شاء. فلما أتي بها عثمان أمر برجمها، فبلغ ذلك عليا فأتاه، فقال له: ما تصنع؟ قال: ولدت تماما لستة أشهر، وهل يكون ذلك؟ فقال له [علي] (٣) أما تقرأ القرآن؟ قال: بلى. قال: أما سمعت الله يقول: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا) وقال: ﴿[يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ] حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ (٤)، فلم نجده بقي إلا ستة أشهر، قال: فقال عثمان: والله ما فطنت لهذا، علي بالمرأة فوجدوها قد فُرِغَ منها، قال: فقال بَعْجَةُ: فوالله ما الغراب بالغراب، ولا البيضة بالبيضة بأشبه منه بأبيه. فلما رآه أبوه قال: ابني إني والله لا أشك فيه، قال: وأبلاه (٥) الله بهذه القرحة قرحة الآكلة، فما زالت تأكله حتى مات (٦).

رواه ابن أبي حاتم، وقد أوردناه من وجه آخر عند قوله: ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف: ٨١].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا فَرْوَة بن أبي المَغْرَاء، حدثنا علي بن مِسْهَر، عن داود بن أبي هند، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس (٧) قال: إذا وضعت المرأة لتسعة أشهر كفاه من الرضاع أحد (٨) وعشرون شهرا، وإذا وضعته لسبعة أشهر كفاه من الرضاع ثلاثة وعشرون شهرًا، وإذا وضعته لستة أشهر فحولين كاملين؛ لأن الله تعالى يقول: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا)

(حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ) أي: قوى وشب وارتجل (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) أي: تناهى عقله وكمل فهمه وحلمه. ويقال: إنه لا يتغير غالبا عما يكون عليه ابن الأربعين.


(١) مسند الطيالسي برقم (٢٠٨) وصحيح مسلم يرقم (١٧٤٨) وسنن أبي داود برقم (٢٧٤٠) وسنن الترمذي برقم (٣٠٧٩) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١١١٩٦) لكن النسائي لم يرو الشاهد هنا وإنما روى أوله.
(٢) في ت، أ: "معمر".
(٣) زيادة من ت، أ.
(٤) زيادة من أ.
(٥) في ت، م، أ: "وابتلاه".
(٦) ورواه ابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور للسيوطي ٠٧/ ٤٤١).
(٧) في ت: "عن عكرمة وروى عن ابن عباس".
(٨) في ت: "بأحد "، وفي أ، هـ: "أحد".