للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قلت لمسروق: متى يؤخذ الرجل بذنوبه؟ قال: إذا بَلَغْتَ الأربعين، فَخُذْ حذرك.

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا عُبَيد الله القواريري، حدثنا عَزْرَة بن قيس الأزدي -وكان قد بلغ مائة سنة-حدثنا أبو الحسن السلولي (١) عنه وزادني (٢) قال: قال محمد بن عمرو بن عثمان، عن عثمان، عن النبي قال: "العبد المسلم إذا بلغ أربعين سنة خفف الله حسابه، وإذا بلغ (٣) ستين سنة رزقه الله الإنابة إليه، وإذا بلغ سبعين سنة أحبّه أهل السماء، وإذا بلغ ثمانين سنة ثبت الله حسناته ومحا سيئاته، وإذا بلغ تسعين سنة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وشفَّعه الله في أهل بيته، وكتب في السماء: أسير (٤) الله في أرضه" (٥).

وقد روي هذا من غير هذا الوجه، وهو في مسند الإمام أحمد (٦) (٧).

وقد قال الحجاج بن عبد الله الحكمي أحد أمراء بني أمية بدمشق: تركت المعاصي والذنوب أربعين سنة حياء من الناس، ثم تركتها حياء من الله، ﷿.

وما أحسن قول الشاعر:

صَبَا ما صَبَا حَتى عَلا الشَّيبُ رأسَهُ … فلمَّا عَلاهُ قال للباطل: ابطُل (٨)

(قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي) أي: ألهمني (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ) أي: في المستقبل، (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) أي: نسلي وعقبي، (إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) وهذا فيه إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يجدد التوبة والإنابة إلى الله، ﷿، ويعزم عليها.

وقد روى أبو داود في سننه، عن ابن مسعود، ، أن رسول الله كان يعلمهم أن يقولوا في التشهد: "اللهم، ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبُل (٩) السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنّبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا، وأزواجنا، وذرياتنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها قابليها، وأتممها علينا" (١٠).

قال الله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ) أي: هؤلاء المتصفون بما ذكرنا، التائبون إلى الله المنيبون إليه، المستدركون ما فات بالتوبة والاستغفار، هم الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا، ويتجاوز عن سيئاتهم، فيغفر لهم الكثير من الزلل، ويتقبل منهم اليسير من العمل، (فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ) أي: هم في جملة أصحاب الجنة، وهذا حكمهم عند الله كما وعد


(١) في م، أ: "أبو الحسن الكوفي- عمرو بن أوس".
(٢) في ت: "وروى الحافظ".
(٣) في ت، م: "رزقه".
(٤) في ت، م، أ: "أمين".
(٥) قال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٠٥): "رواه أبو يعلى في الكبير وفيه عزرة بن قيس الأزدي، وهو ضعيف".
(٦) في ت: "وهذا الحديث في مسند الإمام أحمد".
(٧) رواه الإمام أحمد من حديث أنس بن مالك ، المسند (٣/ ٢١٨).
(٨) في ت، م، أ: "أبعد".
(٩) في ت: "سبيل".
(١٠) سنن أبي داود برقم (٩٦٩).