للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الترمذي والنسائي في التفسير، من حديث أبي عوانة (١).

وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا أبو أحمد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير (٢)، عن ابن عباس، قال: كان الجن يستمعون (٣) الوحي، فيسمعون الكلمة فيزيدون فيها عشرا، فيكون ما سمعوا حقًا وما زادوا باطلا وكانت النجوم لا يرمى بها قبل ذلك، فلما بعث رسول الله كان أحدهم لا يأتي مقعده إلا رمي بشهاب يحرق ما أصاب، فشكوا ذلك إلى إبليس فقال: ما هذا إلا من أمر قد حدث. فبث جنوده، فإذا بالنبي يصلي بين جبلي نخلة، فأتوه فأخبروه، فقال: هذا الحدث الذي حدث في الأرض.

ورواه الترمذي والنسائي في كتابي التفسير من سننيهما، من حديث إسرائيل به (٤) وقال الترمذي: حسن صحيح.

وهكذا رواه أيوب عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وكذا رواه العوفي، عن ابن عباس أيضا، بمثل هذا السياق بطوله، وهكذا قال الحسن البصري: إنه، ، ما شعر بأمرهم حتى أنزل الله عليه بخبرهم.

وذكر محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان، عن محمد بن كعب القرظي قصة خروج رسول الله إلى الطائف ودعائه إياهم إلى الله ﷿، وإبائهم عليه. فذكر القصة بطولها، وأورد ذلك الدعاء الحسن: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي" إلى آخره. قال: فلما انصرف عنهم بات بنخلة، فقرأ تلك الليلة من القرآن فاستمعه الجن من أهل نصيبين (٥).

وهذا صحيح، ولكن قوله: "إن الجن كان استماعهم تلك الليلة". فيه نظر؛ لأن الجن كان استماعهم في ابتداء الإيحاء، كما دل عليه حديث ابن عباس المذكور، وخروجه، ، إلى الطائف كان بعد موت عمه، وذلك قبل الهجرة بسنة أو سنتين، كما قرره ابن إسحاق وغيره [والله أعلم] (٦).

وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن زر (٧)، عن عبد الله بن مسعود قال: هبطوا على النبي وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا. قال (٨) صه، وكانوا تسعة (٩) أحدهم زوبعة، فأنزل الله ﷿: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) إلى: (ضَلالٍ مُبِينٍ) (١٠).


(١) المسند (١/ ٢٥٢)، ودلائل النبوة للبيهقي (٢/ ٢٢٥).
(٢) في ت: "وروى الإمام أحمد بإسناده".
(٣) في ت، م: "فيستمعون".
(٤) صحيح البخاري برقم (٧٧٣) وصحيح مسلم برقم (٤٤٩)، وسنن الترمذي برقم (٣٣٢٣)، والنسائي في السنن الكبرى برقم (١١٦٤).
(٥) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (١/ ٤١٩).
(٦) زيادة من ت.
(٧) في ت: "وروى أبو بكر بن أبي شيبة بسنده".
(٨) في ت، م: "قالوا".
(٩) في أ: "سبعة".
(١٠) ورواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٤٥٦) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة به، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.