للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو حديث غريب جدًّا، وأحرى به ألا يكون محفوظا، وبتقدير صحته فالظاهر أن هذا بعد وفودهم إليه بالمدينة على ما سنورده، فإن في ذلك الوقت في آخر الأمر لما فتحت مكة، ودخل الناس والجان أيضا في دين الله أفواجا، نزلت سورة (١) ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾، وهي السورة التي نعيت نفسه الكريمة فيها إليه، كما قد نص على ذلك ابن عباس، ووافقه عمر بن الخطاب عليه، وقد ورد في ذلك حديث سنورده عند تفسيرها، والله أعلم. وقد رواه أبو نعيم أيضا، عن الطبراني، عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن علي بن الحسين بن أبي بردة، عن يحيى بن سعيد (٢) الأسلمي، عن حرب بن صَبِيح، عن سعيد بن مسلمة، عن أبي مرة الصنعاني، عن أبي عبد الله الجدلي، عن ابن مسعود، فذكره وذكر فيه قصة الاستخلاف (٣)، وهذا إسناد غريب، وسياق عجيب.

طريق أخرى: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود أن رسول الله (٤) خط حوله، فكان أحدهم (٥) مثل سواد النحل، وقال لي: "لا تبرح مكانك"، فأقرأهم كتاب الله، فلما رأى الزُّط قال: كأنهم هؤلاء. وقال النبي : "أمعك ماء؟ " قلت: لا. قال: "أمعك نبيذ؟ " قلت: نعم. فتوضأ به (٦).

طريق أخرى مرسلة: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبد الله الظهراني (٧)، أخبرنا حفص بن عمر العدني، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ) قال: هم اثنا عشر ألفا جاؤوا من جزيرة الموصل، فقال النبي لابن مسعود: "أنظرني حتى آتيك"، وخط عليه خطا، وقال: "لا تبرح حتى آتيك". فلما خشيهم ابن مسعود كاد أن يذهب، فذكر قول رسول الله فلم يبرح، فقال له النبي : "لو ذهبت ما التقينا إلى يوم القيامة" (٨).

طريق أخرى مرسلة أيضا: قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ) قال: ذكر لنا أنهم صرفوا إليه من نِينَوَى، وأن نبي الله قال: "إني أمرت أن أقرأ على الجن فأيكم يتبعني؟ " فأطرقوا، ثم استتبعهم فأطرقوا، ثم استتبعهم الثالثة فقال رجل: يا رسول الله، إن ذاك لذو ندبة فأتبعه ابن مسعود أخو هذيل، قال: فدخل النبي شعبا يقال له: "شعب الحجون"، وخط عليه، وخط على ابن مسعود ليثبته بذلك، قال: فجعلت أهال وأرى أمثال النسور تمشي في دفوفها، وسمعت لغطا شديدا، حتى خفت على نبي الله ، ثم تلا القرآن، فلما رجع رسول الله قلت: يا رسول الله، ما اللغط الذي سمعت؟ قال: "اختصموا في قتيل، فقضي بينهم بالحق". رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم (٩).


(١) في ت: "سورة النصر".
(٢) في أ: "يعلى".
(٣) المعجم الكبير للطبراني (١٠/ ٨١) وفي إسناده يحيى الأسلمي وهو ضعيف.
(٤) في م، أ: "أن رسول الله ليلة الجن".
(٥) في أ: "فكان يجيء أحدهم".
(٦) المسند (١/ ٤٥٥).
(٧) في م: "الطبراني".
(٨) وفي إسناده الحكم بن أبان، وهو ضعيف.
(٩) تفسير الطبري (٢٦/ ٢٠).