للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أجب رسول الله (١). فاتبعتها وأنا أرجو العشاء، حتى إذا بلغت مقامي، خرج رسول الله وفي يده عسيب من نخل، فعرض به على صدري فقال: "أتنطلق أنت معي (٢) حيث انطلقت؟ " قلت: ما شاء الله. فأعادها علي ثلاث مرات، كل ذلك أقول: ما شاء الله. فانطلق وانطلقت معه، حتى أتينا بقيع الغرقد، فخط بعصاه خطا، ثم قال: "اجلس فيها، ولا تبرح حتى آتيك". ثم انطلق يمشي وأنا أنظر إليه خلال النخل، حتى إذا كان من حيث لا أراه ثارت (٣) العَجَاجة السوداء، ففرقت فقلت: ألحق برسول الله ، فإني أظن أن (٤) هوازن مكروا برسول الله ليقتلوه، فأسعى إلى البيوت، فأستغيث الناس. فذكرت أن رسول الله أوصاني: أن لا أبرح مكاني الذي أنا فيه، فسمعت رسول الله يقرعهم بعصاه ويقول: "اجلسوا". فجلسوا حتى كاد ينشق عمود الصبح، ثم ثاروا وذهبوا، فأتاني رسول الله فقال: "أنمت بعدي؟ " فقلت: لا (٥)، ولقد فزعت الفزعة الأولى، حتى رأيت أن آتي البيوت فأستغيث الناس حتى سمعتك تقرعهم بعصاك، وكنت أظنها هوازن، مكروا برسول الله ليقتلوه. فقال: "لو أنك خرجت من هذه الحلقة ما آمنهم (٦) عليك أن يختطفك بعضهم، فهل رأيت من شيء منهم؟ " فقلت: رأيت رجالا سودا مستشعرين (٧) بثياب بيض، فقال رسول الله : "أولئك وفد جن نصيبين، أتوني فسألوني الزاد والمتاع، فمتعتهم بكل عظم حائل أو روثة أو بعرة". قلت: وما يغني عنهم ذلك؟ قال: "إنهم لا يجدون عظما إلا وجدوا عليه لحمه الذي كان عليه يوم أكل، ولا روثة إلا وجدوا فيها حبها الذي كان فيها يوم أكلت، فلا يستنقي أحد منكم بعظم ولا بعرة (٨) " (٩).

وهذا إسناد غريب جدًا (١٠)، ولكن فيه رجل مبهم لم يسم [والله أعلم] (١١)، وقد روى الحافظ أبو نعيم من حديث بقية بن الوليد، حدثني نمير بن زيد القنبر (١٢)، حدثنا أبي، حدثنا قحافة بن ربيعة، حدثني الزبير بن العوام قال: صلى بنا رسول الله صلاة الصبح في مسجد المدينة، فلما انصرف قال: "أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة؟ " فأسكت القوم ثلاثا، فمر بي فأخذ بيدي، فجعلت أمشي معه حتى حبست عنا جبال المدينة كلها، وأفضينا إلى أرض براز، فإذا برجال طوال كأنهم الرماح، مستشعرين (١٣) بثيابهم من بين أرجلهم، فلما رأيتهم غشيتني رعدة شديدة، ثم ذكر نحو حديث ابن مسعود المتقدم (١٤)، وهذا حديث غريب، والله أعلم.

ومما يتعلق بوفود الجن ما رواه الحافظ أبو نعيم: حدثنا أبو محمد بن حيان، حدثنا أبو الطيب أحمد بن روح، حدثنا يعقوب الدَّوْرَقي، حدثنا الوليد بن بكير التميمي، حدثنا حصين بن عمر (١٥)


(١) في ت: "رسول الله ".
(٢) في ت، م: "انطلق معي"، وفي أ: "انطلق أنت معي".
(٣) في ت، م، أ: "ثارت مثل العجاجة".
(٤) في ت، م، أ: "هذه".
(٥) في أ: "لا والله".
(٦) في ت، م: "ما أمنت" وفي أ: "ما آمن".
(٧) في ت، أ: "مستثفرين".
(٨) في ت: "ولا روثة".
(٩) لم أجده في دلائل النبوة المطبوعة لأبي نعيم.
(١٠) في ت، أ: "وهذا سياق غريب".
(١١) زيادة من ت، أ.
(١٢) في ت، أ: "حدثني بهز بن يزيد الليثي".
(١٣) في ت، أ: "مستثفرين".
(١٤) لم أجده في دلائل النبوة المطبوعة لأبي نعيم.
(١٥) في م: "عمير".