للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

، أخبرني عبيد المُكتب، عن إبراهيم قال: خرج نفر من أصحاب عبد الله (١) يريدون الحج، حتى إذا كانوا في بعض الطريق، إذا هم بحية تنثني (٢) على الطريق أبيض، ينفخ منه ريح المسك، فقلت لأصحابي: امضوا، فلست ببارح حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمر هذه الحية. قال: فما لبثت أن ماتت، فعمدت إلى خرقة بيضاء فلففتها فيها، ثم نحيتها عن الطريق فدفنتها، وأدركت أصحابي في المتعشى. قال: فوالله إنا لقعود إذ أقبل (٣) أربع نسوة من قبل المغرب، فقالت واحدة منهن: أيكم دفن عمرًا؟ قلنا: ومن عمرو، قالت: أيكم دفن الحية؟ قال: قلت: أنا. قالت: أما والله لقد دفنت صواما قواما، يأمر بما أنزل الله، ولقد آمن بنبيكم، وسمع صفته من (٤) السماء قبل أن يبعث بأربعمائة عام. قال الرجل فحمدنا (٥) الله، ثم قضينا حجتنا (٦)، ثم مررت بعمر بن الخطاب في المدينة، فأنبأته بأمر الحية، فقال: صدقت، سمعت رسول الله يقول: "لقد آمن بي قبل أن أبعث بأربعمائة سنة" (٧).

وهذا حديث غريب جدا، والله أعلم.

قال أبو نعيم: وقد روى الثوري، عن أبي إسحاق، عن الشعبي، عن رجل من ثقيف، بنحوه. وروى عبد الله بن أحمد والظِّهراني، عن صفوان بن المعطل -هو الذي نزل ودفن تلك الحية من بين الصحابة-وأنهم قالوا: أما إنه آخر التسعة موتا الذين أتوا رسول الله يستمعون القرآن (٨).

وروى أبو نعيم من حديث الليث بن سعد، عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجِشُون، عن عمه (٩)، عن معاذ بن عُبَيْد الله (١٠) بن معمر قال: كنت جالسا عند عثمان بن عفان، فجاء رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إني كنت بفلاة من الأرض، فذكر أنه رأى ثعبانين (١١) اقتتلا ثم قتل أحدهما الآخر، قال: فذهبت إلى المعترك، فوجدت حيات كثيرة مقتولة، وإذ ينفح من بعضها ريح المسك، فجعلت أشمُّها واحدة واحدة، حتى وجدت ذلك من حية صفراء رقيقة، فلففتها في عمامتي ودفنتها. فبينا أنا أمشي إذ ناداني (١٢) مناد: يا عبد الله، لقد هُدِيتَ! هذان حيان (١٣) من الجن بنو أشعيبان وبنو أقيش التقوا، فكان من القتلى ما رأيت، واستشهد الذي دفنته، وكان من الذين سمعوا الوحي من رسول الله . قال: فقال عثمان لذلك الرجل: إن كنت صادقا فقد رأيت عجبا، وإن كنت كاذبا فعليك كذبك (١٤).

فقوله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ) أي: طائفة من الجن، (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا)


(١) في م: "عبيد الله".
(٢) في أ: "تمشي".
(٣) في ت، م: "جاء".
(٤) في ت: "في".
(٥) في أ: "فحمدت".
(٦) في ت، م، أ: "حجنا".
(٧) دلائل النبوة لأبي نعيم (ص ٣٠٦).
(٨) لم أجده في دلائل النبوة المطبوعة لأبي نعيم.
(٩) في ت: "وروى أبو نعيم بإسناده".
(١٠) في ت، م، أ: "عبد الله".
(١١) في ت، أ، م: "إعصارين".
(١٢) في ت، م: "نادى".
(١٣) في أ: "هذا الجان".
(١٤) دلائل النبوة لأبي نعيم (ص ٣٠٥).