للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الزهري، في قوله: (سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) قال: لم يأت أولئك بعد.

وحدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن ابن أبي خالد، عن أبيه، عن أبي هريرة في قوله: (سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) قال: هم البارزون.

قال: وحدثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما صغار الأعين، ذلف الآنف، كأن وجوههم المجانّ المطرقة". قال سفيان: هم الترك (١).

قال ابن أبي عمر: وجدت في مكان (٢) آخر: ابن أبي خالد عن أبيه قال: نزل علينا أبو هريرة ففسر قول رسول الله : "تقاتلون قومًا نعالهم الشَّعْر" قال: هم البارزون، يعني الأكراد (٣).

وقوله: (تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) يعني: يشرع لكم جهادهم وقتالهم، فلا يزال ذلك مستمرا عليهم، ولكم النصرة عليهم، أو يسلمون فيدخلون في دينكم بلا قتال بل باختيار.

ثم قال: (فَإِنْ تُطِيعُوا) أي: تستجيبوا وتنفروا في الجهاد وتؤدوا الذي عليكم فيه، (يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ) يعني: زمن الحديبية، حيث دعيتم (٤) فتخلفتم، (يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).

ثم ذكر الأعذار في ترك الجهاد، فمنها لازم كالعمى والعرج المستمر، وعارض كالمرض الذي يطرأ أياما ثم يزول، فهو في حال مرضه ملحق بذوي الأعذار اللازمة حتى يبرأ.

ثم قال تعالى مرغبا في الجهاد وطاعة الله ورسوله: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ) أي: ينكل عن الجهاد، ويقبل على المعاش (يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا) في الدنيا بالمذلة، وفي الآخرة بالنار.

﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (١٨) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٩)

يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله تحت الشجرة، وقد تقدم ذكر عدتهم، وأنهم كانوا ألفا وأربعمائة، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية.


(١) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف برقم (١٩١٩٩) والبخاري في صحيحه برقم (٢٩٢٩) من طريق سفيان عن الزهري بإسناده: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما كأن وجوههم المجان المطرقة" ورواه البخاري في صحيحه برقم (٢٩٢٨) من طريق صالح، عن الأعرج عن أبي هريرة بنحوه.
(٢) في ت: "وقال ابن أبي عمرو: وحديث في موضع".
(٣) وقد ذكر بعض المؤرخين أن أصحاب بابك المخرمي كانوا ينتعلون الشعر، فهم المقصودون بهذا الحديث.
(٤) في ت: "ذهبتم".