للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان رسول الله يصلي في الحرم، وهو مضطرب في الحل، قال: فقام رسول الله فقال: "يا أيها الناس، انحروا (١) واحلقوا". قال: فما قام أحد. قال: ثم عاد بمثلها، فما قام رجل حتى عاد بمثلها، فما قام رجل.

فرجع رسول الله فدخل على أم سلمة فقال: "يا أم سلمة ما شأن الناس؟ " قالت: يا رسول الله، قد دخلهم ما رأيت، فلا تُكَلِّمن (٢) منهم إنسانًا، واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق، فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك. فخرج رسول الله لا يكلم أحدًا حتى أتى هديه فنحره، ثم جلس فحلق، قال: فقام الناس ينحرون ويحلقون. قال: حتى إذا كان بين مكة والمدينة في وسط الطريق نزلت سورة الفتح.

هكذا ساقه أحمد من هذا الوجه، وهكذا رواه يونس بن بُكَيْر وزياد البكائي، عن ابن إسحاق، بنحوه (٣)، وفيه إغراب، وقد رواه أيضا عن عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن الزهري، به نحوه (٤) وخالفه في أشياء وقد رواه البخاري، ، في صحيحه، فساقه سياقة (٥) حسنة مطولة بزيادات جيدة، فقال في كتاب الشروط (٦) من صحيحه:

حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر: أخبرني الزهري: أخبرني عُرْوة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه، قالا خرج رسول الله زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره، وأحرم منها بعمرة وبعث عينًا له من خزاعة، وسار حتى إذا كان بغير الأشطاط أتاه عينه، فقال: إن قريشًا قد جمعوا لك جموعًا، وقد جمعوا لك الأحابيش وهم مقاتلوك وصادوك ومانعوك. فقال: "أشيروا أيها الناس عليّ، أترون أن نميل عل عيالهم، وذراري هؤلاء الذين يريدون أن صدونا عن البيت؟ " وفي لفظ: "أترون أن نميل على ذراري هؤلاء الذين أعانوهم. فإن يأتونا كان الله قد قطع عُنُقا من المشركين وإلا تركناهم محزونين"، وفي لفظ: "فإن قعدوا قعدوا موتورين مجهودين محرُوبين وإن نجوا يكن عنقا قطعها الله، أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟ ". فقال أبو بكر [] (٧): يا رسول الله خرجت عامدًا لهذا البيت، لا نريد قتل أحد ولا حربًا، فتوجه له، فمن صدنا عنه قاتلناه. وفي لفظ: فقال أبو بكر، : الله ورسوله علم إنما جئنا معتمرين، ولم نجئ لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه. فقال النبي : "فروحوا إذن"، وفي لفظ: "فامضوا على اسم الله".

حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال النبي : "إن خالد بن الوليد في خيل لقريش طليعة،


(١) في ت، أ: "انحروا في الحرم".
(٢) في ت، أ: "فلا تكلمن".
(٣) المسند (٤/ ٣٢٣) والسيرة النبوية لابن هشام (٢/ ٣١٦).
(٤) رواه أحمد في مسنده (٤/ ٣٢٨) من طريق عبد الرزاق به.
(٥) في م: "بسياقات".
(٦) في ت، م: "الشرط".
(٧) زيادة من أ.