للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أفسدهم" (١).

[وقوله]: (٢) (وَلا تَجَسَّسُوا) أي: على بعضكم بعضا. والتجسس غالبا يطلق في الشر، ومنه الجاسوس. وأما التحسس فيكون غالبا في الخير، كما قال تعالى إخبارا عن يعقوب [] (٣) أنه قال: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٧]، وقد يستعمل كل منهما في الشر، كما ثبت في الصحيح أن رسول الله قال: "لا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا" (٤).

وقال الأوزاعي: التجسس: البحث عن الشيء. والتحسس: الاستماع إلى حديث القوم وهم له كارهون، أو يتسمع على أبوابهم. والتدابر: الصَّرْم. رواه ابن أبي حاتم.

وقوله: (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا) فيه نهي عن الغيبة، وقد فسرها الشارع كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود: حدثنا القَعْنَبِي، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة (٥) قال: قيل: يا رسول الله، ما الغيبة؟ قال: "ذكرك أخاك بما يكره". قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته".

ورواه الترمذي عن قتيبة، عن الدَّرَاوَرْدي، به (٦). وقال: حسن صحيح. ورواه ابن جرير عن بُنْدَار، عن غُنْدَر، عن شعبة، عن العلاء (٧). وهكذا قال ابن عمر، ومسروق، وقتادة، وأبو إسحاق، ومعاوية بن قُرَّة.

وقال (٨) أبو داود: حدثنا مُسَدَّد، حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني علي بن الأقمر، عن أبي حذيفة، عن عائشة قالت: قلت للنبي : حسبك من صفية كذا وكذا! -قال غير مسدد: تعني قصيرة-فقال: "لقد قلت كلمة لو مُزِجَتْ بماء البحر لمزجته". قالت: وحكيت له إنسانا، فقال : "ما أحب أني حكيت إنسانًا، وإن لي كذا وكذا".

ورواه الترمذي من حديث يحيى القَطَّان، وعبد الرحمن بن مَهْدِيّ، ووَكِيع، ثلاثتهم عن سفيان الثوري، عن علي بن الأقمر، عن أبي حذيفة سلمة بن صهيبة الأرحبي، عن عائشة، به. وقال: حسن صحيح (٩).

وقال ابن جرير: حدثني ابن أبي الشوارب: حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا سليمان الشيباني، حدثنا حسان بن المخارق (١٠)؛ أن امرأة دخلت على عائشة، فلما قامت لتخرج أشارت عائشة بيدها


(١) سنن أبي داود برقم (٤٨٨٩).
(٢) زيادة من ت.
(٣) زيادة من ت.
(٤) صحيح البخاري برقم (٢٤٤٢).
(٥) في ت: "أبي هريرة ".
(٦) سنن أبي داود برقم (٤٨٧٤) وسنن الترمذي برقم (١٩٣٥).
(٧) تفسير الطبري (٢٦/ ٨٦).
(٨) في ت: "وروى".
(٩) سنن أبي داود برقم (٤٨٧٥) وسنن الترمذي برقم (٢٥٠٢، ٢٥٠٣).
(١٠) في ت: "وروى ابن جرير بسنده".