للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى النبي -أي: إنها قصيرة-فقال النبي : "اغتبتيها" (١).

والغيبة محرمة بالإجماع، ولا يستثنى من ذلك إلا ما رجحت مصلحته، كما في الجرح والتعديل والنصيحة، كقوله (٢)، لما استأذن عليه ذلك الرجل الفاجر: "ائذنوا له، بئس أخو العشيرة" (٣)، وكقوله لفاطمة بنت قيس -وقد خطبها معاوية وأبو الجهم-: "أما معاوية فصعلوك (٤)، وأما أبو الجهم فلا يضع عصاه عن عاتقه" (٥). وكذا ما جرى مجرى ذلك. ثم بقيتها على التحريم الشديد، وقد ورد فيها الزجر الأكيد (٦)؛ ولهذا شبهها تعالى بأكل اللحم من الإنسان الميت، كما قال تعالى: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)؟ أي: كما تكرهون هذا طبعا، فاكرهوا ذاك شرعا؛ فإن عقوبته أشد من هذا وهذا من التنفير عنها والتحذير منها، كما قال، ، في العائد في هبته: "كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه"، وقد قال: "ليس لنا مثل السوء". وثبت في الصحاح (٧) والحسان والمسانيد من غير وجه أنه، ، قال في خطبة [حجة] (٨) الوداع: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا" (٩).

وقال (١٠) أبو داود: حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا أسباط بن محمد، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "كل المسلم على المسلم حرام: ماله وعرضه ودمه، حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم".

ورواه الترمذي (١١) عن عبيد بن أسباط بن محمد، عن أبيه، به (١٢). وقال: حسن غريب.

وحدثنا عثمان بن أبي شيبة (١٣)، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن سعيد بن عبد الله (١٤) بن جريج، عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله : "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته".

تفرد به أبو داود (١٥). وقد روي من حديث البراء بن عازب، فقال الحافظ أبو يعلى في مسنده: حدثنا إبراهيم بن دينار، حدثنا مصعب بن سلام، عن حمزة بن حبيب الزيات، عن أبي إسحاق


(١) تفسير الطبري (٢٦/ ٨٧).
(٢) في ت: "".
(٣) رواه البخاري في صحيحه برقم (٣١٣٢) من حديث عائشة .
(٤) في أ: "فصعلوك لا مال له".
(٥) رواه مسلم في صحيحه برقم (١٤٨٠).
(٦) في ت، م: "الشديد".
(٧) في ت، م: "الصحيح".
(٨) زيادة من ت، م، أ.
(٩) رواه مسلم في صحيحه برقم (١٢١٨) من حديث جابر .
(١٠) في ت: "وروى".
(١١) في ت: "رواه الترمذي وحسنه".
(١٢) سنن أبي داود برقم (٤٨٨٢) وسنن الترمذي برقم (١٩٢٧).
(١٣) في ت: "وروى أبو داود".
(١٤) في أ: "عبيد الله".
(١٥) سنن أبي داود برقم (٤٨٨٠).