للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الله [] (١) ومعه قَدَح له، فقال: يا رسول الله، بعثني أصحابي لِتؤدِمَهم إن كان عندك؟ قال: "ما يصنع أصحابك بالأدْم؟ قد ائتدموا". فرجع سلمان يخبرهما بقول رسول الله ، فانطلقا حتى أتيا رسول الله فقالا لا والذي بعثك بالحق، ما أصبنا طعاما منذ نزلنا. قال: "إنكما قد ائتدمتما بسلمان بقولكما".

قال: ونزلت: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا)، إنه كان نائما (٢).

وروى الحافظ الضياء المقدسي في كتابه "المختارة" من طريق حَبَّان بن هلال، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: كانت العرب تخدم بعضها بعضا في الأسفار، وكان مع أبي بكر وعمر ما رجل يخدمهما، فناما فاستيقظا ولم يهيئ لهما طعاما، فقالا إن هذا لنؤوم، فأيقظاه، فقالا له: ائت رسول الله فقل له: إن أبا بكر وعمر يقرئانك السلام، ويستأدمانك.

فقال: "إنهما قد ائتدما" فجاءا فقالا يا رسول الله، بأي شيء ائتدمنا؟ فقال: "بلحم أخيكما، والذي نفسي بيده، إني لأرى لحمه بين ثناياكما". فقالا استغفر لنا يا رسول الله فقال: "مُرَاه فليستغفر لكما" (٣).

وقال (٤) الحافظ أبو يعلى: حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا محمد بن مسلم، عن محمد بن إسحاق، عن عمه موسى بن يَسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "من أكل من لحم أخيه في الدنيا، قُرِّب له لحمه في الآخرة، فيقال له: كله مَيْتًا كما أكلته حَيًّا. قال: فيأكله ويَكْلَح ويصيح". غريب جدا (٥).

وقوله: (وَاتَّقُوا اللَّهَ) أي: فيما أمركم به ونهاكم عنه، فراقبوه في ذلك واخشوا منه، (إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) أي: تواب على من تاب إليه، رحيم بمن رجع إليه، واعتمد عليه.

قال الجمهور من العلماء: طريق المغتاب للناس في توبته أن يُقلع (٦) عن ذلك، ويعزم على ألا يعود. وهل يشترط الندم على ما فات؟ فيه نزاع، وأن يتحلل من الذي اغتابه. وقال آخرون: لا يشترط أن يتحلله فإنه إذا (٧) أعلمه بذلك ربما تأذى أشد مما إذا لم يعلم بما كان منه، فطريقه إذًا أن يثني عليه بما فيه في المجالس التي كان يذمه فيها، وأن يرد عنه الغيبة بحسبه وطاقته، فتكون (٨) تلك بتلك، كما قال (٩) الإمام أحمد:

حدثنا أحمد بن الحجاج، أخبرنا عبد الله، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبد الله بن سليمان؛ أن إسماعيل بن يحيى المعَافِريّ أخبره أن سهل بن معاذ بن أنس الجُهَنِيّ أخبره، عن أبيه، عن (١٠) النبي


(١) زيادة من ت.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره كما في الدر المنثور (٧/ ٥٧٠).
(٣) المختارة برقم (١٦٩٧).
(٤) في ت: "وروى".
(٥) ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (٤٩٦١) "مجمع البحرين" من طريق محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق به، وقال: لم يروه عن ابن إسحاق إلا محمد بن سلمة وقد وقع هنا "محمد بن مسلم" وأظنه تصحيفا، لكني لا أستطيع الجزم بذلك قال الهيثمي في المجمع (٨/ ٩٢): "فيه ابن إسحاق وهو مدلس ومن لم أعرفه".
(٦) في م: "يرجع".
(٧) في ت: "لو".
(٨) في ت: "لتكون".
(٩) في ت: "روى".
(١٠) في ت: "أن".