للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: "من حمى مؤمنا من منافق يعيبه (١)، بعث الله إليه ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم. ومن رمى مؤمنا بشيء يريد شينه، حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال". وكذا رواه أبو داود من حديث عبد الله -وهو ابن المبارك-به بنحوه (٢).

وقال (٣) أبو داود أيضا: حدثنا إسحاق بن الصباح، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرنا الليث: حدثني يحيى بن سليم؛ أنه سمع إسماعيل بن بشير يقول: سمعت جابر بن عبد الله، وأبا طلحة بن سهل الأنصاري يقولان: قال (٤) رسول الله : "ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في مواطن يحب فيها نصرته. وما من امرئ ينصر امرأ مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته (٥)، إلا نصره الله في مواطن يحب فيها نصرته". تفرد به أبو داود (٦).

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)

يقول تعالى مخبرًا للناس أنه خلقهم من نفس واحدة، وجعل منها زوجها، وهما آدم وحواء، وجعلهم شعوبا، وهي أعم من القبائل، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر والعمائر والأفخاذ وغير ذلك.

وقيل: المراد بالشعوب بطون العَجَم، وبالقبائل بطون العرب، كما أن الأسباط بطون بني إسرائيل. وقد لخصت هذا في مقدمة مفردة جمعتها من كتاب: "الإنباه" لأبي عمر (٧) بن عبد البر، ومن كتاب "القصد والأمم، في معرفة أنساب العرب والعجم". فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية، وهي طاعة الله ومتابعة رسوله ؛ ولهذا قال تعالى بعد النهي عن الغيبة واحتقار بعض الناس بعضًا، منبها على تساويهم في البشرية: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) أي: ليحصل التعارف بينهم، كلٌ يرجع إلى قبيلته.

وقال مجاهد في قوله: (لِتَعَارَفُوا)، كما يقال: فلان بن فلان من كذا وكذا، أي: من قبيلة كذا وكذا.

وقال سفيان الثوري: كانت حِمْير ينتسبون إلى مَخَاليفها، وكانت عرب الحجاز ينتسبون إلى قبائلها.

وقد قال (٨) أبو عيسى الترمذي: حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن عبد


(١) في أ "بغيبة".
(٢) المسند (٣/ ٤٤١) وسنن أبي داود برقم (٤٨٨٣).
(٣) في ت: "وروى".
(٤) في ت: "أن".
(٥) في أ: "عرضه".
(٦) سنن أبي داود برقم (٤٨٨٤).
(٧) في م: "عمرو".
(٨) في ت: "وروى".