للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعنادا.

وقال مجاهد: تعزز بأصحابه. وقال قتادة: غلب عدُو الله على قومه. وقال ابن زيد: (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ) أي: بجموعه التي معه، ثم قرأ: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ [هود: ٨٠].

والمعنى الأول قوي كقوله: ﴿ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الحج: ٩] أي: معرض عن الحق مستكبر، (وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) أي: لا يخلو أمرك فيما جئتني به من أن تكون ساحرا، أو مجنونا.

قال الله تعالى: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ) أي: ألقيناهم في اليم، وهو البحر، (وَهُوَ مُلِيمٌ) أي: وهو ملوم كافر جاحد فاجر معاند.

ثم قال: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) أي: المفسدة التي لا تنتج شيئا. قاله الضحاك، وقتادة، وغيرهما.

ولهذا قال: (مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ) أي: مما تفسده الريح (إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) أي: كالشيء الهالك البالي.

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله بن أخي ابن وهب، حدثنا عمي عبد الله بن وهب، حدثني عبد الله -يعني: ابن عياش (١) -القتباني، حدثني عبد الله بن سليمان، عن دراج، عن عيسى بن هلال الصَّدَفِي، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : "الريح مسخرة من الثانية -يعني من الأرض الثانية-فلما أراد الله أن يهلك عادًا أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عادا، قال: أي رَبَ، أرسل عليهم [من] (٢) الريح قدر منخر الثور؟ قال له الجبار: لا إذًا تكفأ الأرض ومن عليها، ولكن أرسل [عليهم] (٣) بقدر خاتم. فهي التي يقول (٤) الله في كتابه: (مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)

هذا الحديث رفعه منكر (٥)، والأقرب أن يكون موقوفا على عبد الله بن عمرو، من زاملتيه اللتين (٦) أصابهما يوم اليرموك، والله أعلم.

قال سعيد بن المسيب وغيره في قوله: (إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) قالوا: هي الجنوب. وقد ثبت في الصحيح من رواية شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "نصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدبور" (٧).

(وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ) قال ابن جرير: يعني إلى وقت فناء آجالكم.


(١) في م: "ابن عباس".
(٢) زيادة من م.
(٣) زيادة من م.
(٤) في م، أ: "قال".
(٥) رواه الحاكم في المستدرك (٤/ ٥٩٤) وابن منده في كتاب التوحيد (١/ ١٨٦) من طريق عبد الله بن وهب بأطول منه. وقال ابن منده: إسناده متصل مشهور ورواته مصريين. وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: "بل منكر، فيه عبد الله بن عياس ضعفه أبو داود، وعند مسلم أنه ثقة، ودراج وهو كثير المناكير".
(٦) في م: "اللذين".
(٧) صححه مسلم برقم (٩٠٠).