للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والظاهر أن هذه كقوله: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ﴾ [فصلت: ١٧].

وهكذا قال هاهنا: (وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ)، وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام وجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بُكْرَة النهار (فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ) أي: من هَرَبٍ ولا نهوض، (وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ) أي: ولا يقدرون على أن ينتصروا مما هم فيه.

وقوله: (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ) أي: وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء (إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) وكل هذه القصص قد تقدمت مبسوطة في أماكن كثيرة، من سور متعددة.

﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١)

يقول تعالى منبها على خلق العالم العلوي والسفلي: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا) أي: جعلناها سقفا [محفوظا] (١) رفيعا (بأيد) أي: بقوة. قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والثوري، وغير واحد، (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)، أي: قد وسعنا أرجاءها ورفعناها بغير عمد، حتى استقلت كما هي.

(وَالأرْضَ فَرَشْنَاهَا) أي: جعلناها فراشًا للمخلوقات، (فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ) أي: وجعلناها مهدا لأهلها.

(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) أي: جميع المخلوقات أزواج: سماء وأرض، وليل ونهار، وشمس وقمر، وبر وبحر، وضياء وظلام، وإيمان وكفر، وموت وحياة، وشقاء وسعادة، وجنة ونار، حتى الحيوانات [جن وإنس، ذكور وإناث] (٢) والنباتات، ولهذا قال: (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي: لتعلموا أن الخالق واحدٌ لا شريك له.

(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) أي: الجئوا إليه، واعتمدوا في أموركم عليه، (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ).

(وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) أي: [و] (٣) لا تشركوا به شيئا، (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ).

﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠)


(١) زيادة من م.
(٢) زيادة من أ.
(٣) زيادة من م.