للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العزى ولا عزَّى لكم فقال رسول الله : "قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم" (١).

وروى البخاري من حديث الزهري، عن حُمَيد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله. ومن قال لصاحبه: تعال أقَامرْك، فليتصدق" (٢).

وهذا محمول على من سبق لسانه في (٣) ذلك، كما كانت ألسنتهم قد اعتادته في زمن الجاهلية، كما قال النسائي: أخبرنا أحمد بن بَكَّار وعبد الحميد بن محمد قالا حدثنا مَخْلَد، حدثنا يونس، عن أبيه، حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: حلفت باللات والعزى، فقال لي أصحابي: بئس ما قلت! قلت هجرا! فأتيت رسول صلى الله عليه سلم، فذكرت ذلك له، فقال: "قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. وانفث عن شمالك ثلاثا، وتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم لا تعد" (٤).

وأما "مناة" فكانت بالمُشَلَّل (٥) -عند قُدَيد، بين مكة والمدينة-وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونها، ويُهلّون منها للحج إلى الكعبة. وروى البخاري عن عائشة نحوه (٦). وقد كانت بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخر تعظمها العرب كتعظيم الكعبة غير هذه الثلاثة التي نص عليها في كتابه العزيز، وإنما أفرد هذه بالذكر لأنها أشهر من غيرها.

قال ابن إسحاق في السيرة: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، بها (٧) سدنة وحجاب، وتهدي لها كما يهدى (٨) للكعبة، وتطوف بها كطَوْفَاتِها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها؛ لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم، ، ومسجده. فكانت لقريش وبني كنانة العُزَّى بنخلة، وكانت سدنتها وحجابها (٩) بني شيبان من سليم حلفاء بني هاشم (١٠).

قلت: بعث إليها رسول الله خالد بن الوليد فهدمها، وجعل يقول:

يا عُزَّ، كُفْرَانَك لا سُبْحَانَك … إني رأيت الله قَدْ أهَانَك

وقال النسائي: أخبرنا علي بن المنذر، أخبرنا ابن فُضَيْل، حدثنا الوليد بن جُمَيْع، عن أبي الطُّفَيْلِ قال: لما فتح رسول الله مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العزى، فأتاها خالد وكانت على ثلاث سَمُرات، فقطع السَّمُرات، وهدم البيت الذي كان عليها. ثم أتى النبي


(١) تقدم تخريج الحديث عند تفسير سورة "محمد" الآية: ١١.
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٨٦٠).
(٣) في م: "إلى".
(٤) سنن النسائي (٧/ ٨).
(٥) في أ: "بالمنال".
(٦) صحيح البخاري برقم (٤٨٦١).
(٧) في م: "لها".
(٨) في م: "تهدي".
(٩) في م: "وحجبتها".
(١٠) السيرة النبوية لابن هشام (١/ ٨٣).