للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال محمد: أظنه عن ابن مسعود -أنه قال: إن محمدا لم ير جبريل في صورته إلا مرتين، أما مرة فإنه سأله أن يُريه نفسه في صورته، فأراه صورته فسد الأفق. وأما الأخرى فإنه صَعد معه حين صعد به. وقوله: (وَهُوَ بِالأفُقِ الأعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) قال: فلما أحسَّ (١) جبريل ربه، ﷿، عاد في صورته وسجد. فقوله: (وَلَقَدْ رَآهُ نزلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) قال: خَلْقَ جبريل .

هكذا رواه الإمام أحمد، وهو غريب (٢).

﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (٢٣) أَمْ لِلإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى (٢٥) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (٢٦)

يقول تعالى مُقَرِّعا للمشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد والأوثان، واتخاذهم لها البيوت مضاهاة للكعبة التي بناها خليل الرحمن، عليه [الصلاة و] (٣) السلام: (أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ)؟ وكانت "اللات" (٤) صخرةً بيضاء منقوشة، وعليها بيت بالطائف له أستار وسَدَنة، وحوله فناء معظّم عند أهل الطائف، وهم ثقيف ومن تابعها، يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش.

قال ابن جرير: وكانوا قد اشتقوا اسمها من اسم الله [تعالى] (٥)، فقالوا: اللات، يعنون مؤنثة منه، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. وحكي عن ابن عباس، ومجاهد، والربيع بن أنس: أنهم قرؤوا "اللاتّ" بتشديد التاء، وفسروه بأنه كان رجلا يَلُتُّ للحجيج في الجاهلية السويق، فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه.

وقال البخاري: حدثنا مسلم -هو ابن إبراهيم-حدثنا أبو الأشهب، حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس (٦): (اللاتَ وَالْعُزَّى) قال: كان اللات رجلا يلت السَّويق، سويق الحاج (٧).

قال ابن جرير: وكذا العُزَّى من العزيز.

وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف، كانت قريش يعظمونها، كما


(١) في أ: "أخبر".
(٢) المسند (١/ ٤٠٧).
(٣) زيادة من م.
(٤) في م: "العزى".
(٥) زيادة من م.
(٦) في م: "عن ابن عباس عن".
(٧) صحيح البخاري برقم (٤٨٥٩).