للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فكان بعد ذلك لا يسمع أحدًا يقرؤها (١) إلا سجد معه.

وقد رواه النسائي في الصلاة، عن عبد الملك بن عبد الحميد، عن أحمد بن حنبل، به (٢).

ذكر حديث له مناسبة بما تقدم من قوله تعالى: (هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى * أَزِفَتِ الآزِفَة)، فإن النذير هو: الحذر لما يعاين من الشر، الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم، كما قال: ﴿إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [سبأ: ٤٦]. وفي الحديث: "أنا النذير العُريان" أي: الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئًا، بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك، فجاءهم عُريانا مسرعا مناسب لقوله: (أَزِفَتِ الآزِفَة) أي: اقتربت القريبة، يعني: يوم القيامة كما قال في أول السورة التي بعدها: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ [القمر: ١]، قال الإمام أحمد:

حدثنا أنس بن عياض، حدثني أبو حازم -لا أعلم إلا عن سهل بن سعد-قال: قال رسول الله : "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خُبْزَتهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه". وقال أبو حازم: قال رسول الله -قال أبو ضَمْرَة: لا أعلم إلا عن سهل بن سعد-قال: "مثلي ومثل الساعة كهاتين" وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام، ثم قال: "مثلي ومثل الساعة كمثل فَرسَي رِهَان"، ثم قال: "مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة، فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه: أتيتم أتيتم". ثم يقول رسول الله : "أنا ذلك" (٣). وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحِسان. ولله الحمد والمنة، وبه الثقة والعصمة.

آخر [تفسير] (٤) سورة النجم ولله الحمد والمنة


(١) في م، أ: "يقرأ بها".
(٢) المسند (٦/ ٣٩٩) وسنن النسائي (٢/ ١٦٠).
(٣) المسند (٥/ ٣٣١).
(٤) زيادة من م، أ.