للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى) أي: ففي أي نعم الله عليك أيها الإنسان تمتري؟ قاله قتادة.

وقال ابن جُرَيج: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى) يا محمد. والأول أولى، وهو اختيار ابن جرير.

﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى (٥٦) أَزِفَتِ الآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)

(هَذَا نَذِيرٌ) يعني: محمدا (مِنَ النُّذُرِ الأولَى) أي: من جنسهم، أرسل كما أرسلوا، كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: ٩].

(أَزِفَتِ الآزِفَة) أي: اقتربت القريبة، وهي القيامة، (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ) أي: لا يدفعها إذًا من دون الله أحد، ولا يطلع على علمها سواه.

ثم قال تعالى منكرا على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم: (تَعْجَبُونَ (١)) من أن يكون صحيحا، (وَتَضْحَكُونَ (٢) منه استهزاء وسخرية) (وَلا تَبْكُونَ) أي: كما يفعل الموقنون به، كما أخبر عنهم: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الإسراء: ١٠٩].

وقوله: (وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ) قال سفيان الثوري، عن أبيه، عن ابن عباس قال: الغناء، هي يمانية، اسْمِد لنا: غَنّ (٣) لنا. وكذا قال عكرمة.

وفي رواية عن ابن عباس: (سَامِدُونَ): معرضون. وكذا قال مجاهد، وعكرمة. وقال الحسن: غافلون. وهو رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وفي رواية عن ابن عباس: تستكبرون. وبه يقول السدي.

ثم قال آمرا لعباده بالسجود له والعبادة المتابعة لرسوله والتوحيد والإخلاص: (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) (٤) أي: فاخضعوا له وأخلصوا ووحدوا.

قال البخاري: حدثنا أبو مَعْمَر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: سجد النبي بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. انفرد به دون مسلم (٥).

وقال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح، عن مَعْمَر، عن ابن طاوس، عن عكرمة بن خالد، عن جعفر بن المطلب بن أبي وَدَاعة، عن أبيه قال: قرأ رسول الله بمكة سورة النجم، فسجد وسَجَد من عنده، فرفعتُ رأسي وأبيتُ أن أسجد، ولم يكن أسلم يومئذ المطلب،


(١) في م: "يعجبون".
(٢) في م: "يضحكون".
(٣) في م، أ: "تغني".
(٤) في م: "فليسجدوا" وهو خطأ.
(٥) صحيح البخاري برقم (٤٨٦٢).