للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رواه الترمذي من حديث يونس بن (١) بكير، به (٢).

(فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ) أي: تسرحان لسقي تلك الأشجار والأغصان فتثمر من جميع الألوان، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) قال الحسن البصري: إحداهما يقال لها: "تسنيم"، والأخرى "السلسبيل".

وقال عطية: إحداهما من ماء غير آسن، والأخرى من خمر لذة للشاربين.

ولهذا قال بعد هذا: (فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ) أي: من جميع أنواع الثمار مما يعلمون وخير مما يعلمون، ومما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ).

قال إبراهيم بن الحكم بن أبان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس: ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظلة (٣).

وقال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء، يعني: أن بين ذلك بَونًا عظيما، وفرقًا بينا في التفاضل.

﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٥) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٩) هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ (٦٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦١)﴾.

يقول تعالى: (مُتَّكِئِينَ) يعني: أهل الجنة. والمراد بالاتكاء هاهنا: الاضطجاع. ويقال: الجلوس على صفة التّربّع. (عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) وهو: ما غلظ من الديباج. قاله عكرمة، والضحاك وقتادة.

وقال أبو عِمْران الجَوْني: هو الديباج المغَرّي (٤) بالذهب. فنبه على شرف الظهارة بشرف البطانة. وهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى.

قال أبو إسحاق، عن هُبَيْرة بن يَرِيم (٥)، عن عبد الله بن مسعود قال: هذه البطائن فكيف لو رأيتم الظواهر؟

وقال مالك بن دينار: بطائنها من إستبرق، وظواهرها من نور.


(١) في م، أ: "عن".
(٢) سنن الترمذي برقم (٢٥٤١) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".
(٣) في م: "الحنظل".
(٤) في م، أ: "المعمول".
(٥) في أ: "سرية".