للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: كنت جالسًا مع رسول الله ، فجاء أعرابي فقال: يا رسول الله، أسمعك تذكر في الجنة شجرة لا أعلم شجرة أكثر شوكًا منها؟ يعني: الطلح، فقال رسول الله : "إن الله يجعل مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خُصْوَة التيس الملبود، فيها سبعون لونًا من الطعام، لا يشبه لون آخر" (١).

وقوله: (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ): الطلح: شجر عظام يكون بأرض الحجاز، من شجر العضَاه، واحدته طلحة، وهو شجر كثير الشوك، وأنشد ابن جرير لبعض الحداة (٢):

بَشَّرَهَا دَليلها وقالا … غدًا تَرينَ الطَّلحَ والجبَالا

وقال مجاهد: (مَنْضُودٍ) أي: متراكم الثمر، يذكر بذلك قريشًا؛ لأنهم كانوا يعجبون من وَجّ، وظلاله من طلح وسدر.

وقال السُّدّي: (مَنْضُودٍ): مصفوف. قال ابن عباس: يشبه طلح الدنيا، ولكن له ثمر أحلى من العسل.

قال الجوهري: والطلح لغة في الطلع.

قلت: وقد روى ابن أبي حاتم من حديث الحسن بن سعد، عن شيخ من همدان قال: سمعت عليًّا يقول: هذا الحرف في (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) قال: طلع منضود، فعلى هذا يكون هذا من صفة السدر، فكأنه وصفه بأنه مخضود وهو الذي لا شوك له، وأن طلعه منضود، وهو كثرة ثمره، والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو معاوية، عن إدريس، عن جعفر بن إياس، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) قال: الموز. قال: وروي عن ابن عباس، وأبي هريرة، والحسن، وعِكْرِمَة، وقسامة بن زهير، وقتادة، وأبي حَزْرَة، مثل ذلك، وبه قال مجاهد وابن زيد -وزاد فقال: أهل اليمن يسمون الموز الطلح. ولم يحك ابن جرير غير هذا القول (٣).

وقوله: (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ): قال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة -يبلُغُ به النبي -قال: "إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، اقرؤوا إن شئتم: (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ).

ورواه مسلم من حديث الأعرج، به (٤).

وقال الإمام أحمد: حدثنا سُرَيج، حدثنا فُلَيح، عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عَمْرة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة، اقرؤوا إن شئتم: (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ).


(١) البعث لابن أبي داود برقم (٦٩) ورواه الطبراني في مسند الشاميين برقم (٤٩٢) وعنه أبو نعيم في الحلية (٦/ ١٠٣) عن أبي زرعة عن أبي مسهر عن يحيى بن حمزة به، وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٤١٤): "رجاله رجال الصحيح".
(٢) تفسير الطبري (٢٧/ ١٠٤).
(٣) تفسير الطبري (٢٧/ ١٠٤).
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٨٨١) وصحيح مسلم برقم (٢٨٢٦).