للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في الصلاة شيئًا ما كنت تصنعه؟ قال: "إنه عُرِضَتْ علَيَّ الجنة، وما فيها من الزَّهْرَة والنُّضْرَة، فتناولت منها قِطْفًا من عنب لآتيكم به، فحِيلَ بيني وبينه، ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه" (١).

وروى مسلم، من حديث أبي الزبير، عن جابر، نحوه (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن بحر، حدثنا هشام بن يوسف، أخبرنا مَعْمَر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عامر بن زيد البَكَالي: أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول: جاء أعرابي إلى رسول الله ، فسأله عن الحوض وذكر الجنة، ثم قال (٣) الأعرابي: فيها فاكهة؟ قال: "نعم، وفيها شجرة تدعى طوبى" فذكر شيئًا لا أدري ما هو، قال: أي شجر أرضنا تشبه؟ قال: "ليست تشبه شيئا من شجر أرضك". فقال النبي : "أتيتَ الشام؟ " قال: لا. قال: "تشبه شجرة بالشام تدعى الجَوزة، تنبت على ساق واحد، وينفرش أعلاها". قال: ما عظم أصلها؟ قال: "لو ارتحلت جَذعَة من إبل أهلك ما أحاطت بأصلها حتى تنكسر ترقوتها هرمًا". قال: فيها عنب؟ قال: "نعم". قال: فما عظم العنقود؟ قال: "مسيرة شهر للغراب الأبقع، ولا يفتر". قال: فما عظَم الحَبَّة؟ قال: "هل ذبح أبوك تيسًا من غنمه قط عظيمًا؟ " قال: نعم. قال: "فسلخ إهابه فأعطاه أمك، فقال: اتخذي لنا منه دلوًا؟ " قال: نعم. قال الأعرابي: فإن تلك الحبة لتشبعني وأهل بيتي؟ قال: "نعم وعامَّة عشيرتك" (٤).

وقوله: (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) أي: لا تنقطع شتاء ولا صيفًا، بل أكلها دائم مستمر أبدًا، مهما طلبوا وجدوا، لا يمتنع عليهم بقدرة الله شيء.

قال قتادة: لا يمنعهم من تناولها عودٌ ولا شوكٌ ولا بُعدٌ. وقد تقدم في الحديث: "إذا تناول الرجل الثمرة عادت مكانها أخرى".

وقوله: (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) أي: عالية وطيئة ناعمة.

قال النسائي وأبو عيسى الترمذي: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا رِشْدِِين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن النبي في قوله: (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) قال: "ارتفاعها كما بين السماء والأرض، ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام" (٥).

ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه، إلا من حديث رشدين بن سعد. قال: وقال بعض أهل العلم: معنى هذا الحديث: ارتفاع الفرش في الدرجات، وبعد ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض.


(١) تقدم تخريج الحديث عند تفسير الآية: ٣٥ من سورة الرعد.
(٢) تقدم الحديث في الموضع السابق.
(٣) في م: "فقال".
(٤) المسند (٤/ ١٨٤).
(٥) سنن الترمذي برقم (٢٥٤٠) ووقع فيه: "هذا حديث غريب لا نعرفه" ليس فيه: "حسن" وكذا وقع في تحفة الأشراف.