للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هكذا قال: إنه لا يعرف هذا إلا من رواية رشدين بن سعد، وهو المصري، وهو ضعيف. وهكذا رواه أبو جعفر بن جرير، عن أبي كُرَيْب، عن رشدين (١). ثم رواه هو وابن أبي حاتم، كلاهما عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، فذكره. وكذا رواه ابن أبي حاتم أيضًا عن نُعَيم بن حماد، عن ابن وهب. وأخرجه الضياء في صفة الجنة من حديث حرملة عن ابن وهب، به مثله. ورواه الإمام أحمد عن حسن بن موسى، عن ابن لَهِيعَة، حدثنا دراج، فذكره (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو معاوية، عن جُوَيْبر، عن أبي سهل -يعني: كثير بن زياد-عن الحسن:: (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) قال: ارتفاع فراش الرجل من أهل الجنة مسيرة ثمانين سنة.

وقوله: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لأصْحَابِ الْيَمِينِ) جرى الضمير على غير مذكور. لكن لما دل السياق، وهو ذكر الفرش على النساء اللاتي يضاجَعن فيها، اكتفى بذلك عن ذكرهن، وعاد الضمير عليهن، كما في قوله: ﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ [ص: ٣١، ٣٢] يعني: الشمس، على المشهور من قول المفسرين.

قال الأخفش في قوله: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً) أضمرهن ولم يذكرهن قبل ذلك. وقال أبو عبيدة: ذكرن في قوله: ﴿وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾ [الواقعة: ٢٢، ٢٣].

فقوله: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ) أي: أعدناهن في النشأة الآخرة بعدما كُنَّ عجائز (٣) رُمْصًا، صرن أبكارًا عربًا، أي: بعد الثّيوبة عُدْن أبكارًا عُرُبًا، أي: متحببات إلى أزواجهن بالحلاوة والظرافة والملاحة.

وقال بعضهم: (عُرُبًا) أي: غَنِجات.

قال موسى بن عُبَيدة الرَّبَذِي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً) قال: "نساء عجائز كُنّ في الدنيا عُمْشًا رُمْصًا". رواه الترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم. ثم قال الترمذي: غريب، وموسى ويزيد ضعيفا (٤) (٥).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحمصي، حدثنا آدم -يعني: ابن أبي إياس-حدثنا شيبان، عن جابر، عن يزيد بن مُرَّة، عن سلمة بن يزيد قال: سمعتُ رسولَ الله يقول في قوله: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً) يعني: "الثيب والأبكار اللاتي كُنَّ في الدنيا" (٦).


(١) تفسير الطبري (٢٧/ ١٠٦).
(٢) المسند (٣/ ٧٥).
(٣) في أ: "ماكن عجاف".
(٤) في أ: "ضعيفان".
(٥) سنن الترمذي برقم (٣٢٩٦) وتفسير الطبري (٢٧/ ١٠٧).
(٦) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٧/ ٤٠) وأبو نعيم في صفة الجنة برقم (٣٨٩) من طريق شيبان به، وجابر بن يزيد ضعيف.