للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ إِلَّا شَيْخَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (١) .

وَقَوْلُهُ: {وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} أَيْ: أَضَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا تَجَلَّى الْحَقُّ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، لِلْخَلَائِقِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، {وَوُضِعَ الْكِتَابُ} قَالَ قَتَادَةُ: كِتَابُ الْأَعْمَالِ، {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَشْهَدُونَ عَلَى الْأُمَمِ بِأَنَّهُمْ بَلَّغُوهُمْ رِسَالَاتِ (٢) اللَّهِ إِلَيْهِمْ، {وَالشُّهَدَاءِ} أَيِ: الشُّهَدَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْحَفَظَةِ عَلَى أَعْمَالِ الْعِبَادِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} أَيْ: بِالْعَدْلِ {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} قَالَ اللَّهُ [تَعَالَى] (٣) : {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الْأَنْبِيَاءِ:٤٧] ، وَقَالَ [اللَّهُ] (٤) تَعَالَى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النِّسَاءِ:٤٠] ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} أَيْ: مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ {وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ}

{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧١) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢) } .

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ الْكُفَّارِ كَيْفَ يُسَاقُونَ إِلَى النَّارِ؟ وَإِنَّمَا يُسَاقُونَ سَوْقًا عَنِيفًا بِزَجْرٍ وَتَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطُّورِ:١٣] أَيْ: يُدْفَعُونَ إِلَيْهَا دَفْعًا. هَذَا وَهُمْ عِطَاشٌ ظِمَاءٌ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مَرْيَمَ:٨٦، ٨٥] . وَهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ صُمُّ وَبُكْمٌ وَعُمْيٌ، مِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى وَجْهِهِ، {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الْإِسْرَاءِ:٩٧] .

وَقَوْلُهُ: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} أَيْ: بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِمْ إِلَيْهَا فُتِحَتْ لَهُمْ أَبْوَابُهَا سَرِيعًا، لِتُعَجِّلَ لَهُمُ الْعُقُوبَةَ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُمْ خَزَنَتُهَا مِنَ الزَّبَانِيَةِ -الَّذِينَ هُمْ غِلَاظُ الْأَخْلَاقِ، شِدَادُ الْقُوَى عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ وَالتَّنْكِيلِ-: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} أَيْ: مِنْ جِنْسِكُمْ تَتَمَكَّنُونَ مِنْ مُخَاطَبَتِهِمْ وَالْأَخْذِ عَنْهُمْ، {يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ} أَيْ: يُقِيمُونَ عَلَيْكُمُ الْحُجَجَ وَالْبَرَاهِينَ (٥) عَلَى صِحَّةٍ مَا دَعَوْكُمْ إِلَيْهِ، {وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} أَيْ: وَيُحَذِّرُونَكُمْ مِنْ شَرِّ هَذَا الْيَوْمِ؟ فَيَقُولُ الْكُفَّارُ لَهُمْ: {بَلَى} أَيْ: قَدْ جَاءُونَا وَأَنْذَرُونَا، وَأَقَامُوا عَلَيْنَا الْحُجَجَ وَالْبَرَاهِينَ، {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}


(١) ورواه الحاكم في المستدرك (٢/٢٥٣) من طريق أبي أسامة عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلم بنحوه، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
(٢) في س، أ: "رسالة".
(٣) زيادة من ت، س، أ.
(٤) زيادة من أ.
(٥) في س، أ: "والبرهان".

<<  <  ج: ص:  >  >>