يقول:(أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ)؟ وهو شق الأرض وإثارتها والبذر فيها، (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ) أي: تنبتونه في الأرض (أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) أي: بل نحن الذين نُقِرُّه قراره وننبته في الأرض.
قال ابن جرير: وقد حدثني أحمد بن الوليد القرشي، حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجَرْمي، حدثنا مخلد بن الحسين، عن هشام، عن محمد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "لا تقولن: زرعتُ، ولكن قل: حرثتُ" قال أبو هريرة: ألم تسمع إلى قوله: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ).
ورواه البزار، عن محمد بن عبد الرحيم، عن مسلم، الجميع به (١).
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن عطاء، عن أبي عبد الرحمن: لا تقولوا: زرعنا ولكن قولوا: حرثنا.
وروي عن حُجْر المدَرِيّ أنه كان إذا قرأ:(أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) وأمثالها يقول: بل أنت يا رب.
وقوله:(لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا) أي: نحن أنبتناه بلطفنا ورحمتنا، وأبقيناه لكم رحمة بكم، ولو نشاء لجعلناه حطامًا، أي: لأيبسناه قبل استوائه واستحصاده، (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ). ثم فسر ذلك بقوله:(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) أي: لو جعلناه حطاما لظَلْتُم تفكهون في المقالة، تنوعون كلامكم، فتقولون تارة:(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) أي: لَمُلْقَون.
وقال مجاهد، وعكرمة: إنا لمولع بنا، وقال قتادة: معذبون. وتاره تقولون: بل نحن محرومون.
وقال مجاهد أيضا:(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) ملقون للشر، أي: بل نحن مُحَارَفون، قاله قتادة، أي: لا يثبت لنا مال، ولا ينتج لنا ربح.
(١) تفسير الطبري (٢٧/ ١١٤) ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (١١٣٥) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٣٨) من طريق مسلم بن أبي مسلم الجرمي عن مخلد بن الحسين به نحوه وضعفه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٢٣) وأشار البيهقي إلى ضعفه فقال بعد أن ذكره من قول مجاهد: "وقد روى فيه حديث مرفوع غير قوي".