للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهذا إنما خرج منهم على وجه التقريع لهم والتوبيخ. ثم قال تعالى: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر: ٤٨]، كما قال تعالى هاهنا: (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: لو جاء أحدكم اليوم بملء الأرض ذهبًا ومثله معه ليفتدى به من عذاب الله، ما قبل منه.

وقوله: (مَأْوَاكُمُ النَّارُ) أي: هي مصيركم وإليها منقلبكم.

وقوله: (هِيَ مَوْلاكُمْ) أي: هي أولى بكم من كل منزل على كفركم وارتيابكم، وبئس المصير.

﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (١٦) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٧)

يقول الله تعالى: أما آن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله، أي: تلين عند الذكر والموعظة وسماع القرآن، فتفهمه وتنقادُ له وتسمع له وتطيعه.

قال عبد الله بن المبارك: حدثنا صالح المُرِّي، عن قتادة، عن ابن عباس أنه قال: إن الله استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة من نزول القرآن، فقال: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) الآية، رواه ابن أبي حاتم، عن الحسن بن محمد بن الصباح، عن حسين المروزي، عن ابن المبارك، به.

ثم قال هو ومسلم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال-يعني الليث-عن عون بن عبد الله، عن أبيه، عن ابن مسعود، ، قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) [الآية] (١) إلا أربع سنين (٢)

كذا رواه مسلم في آخر الكتاب. وأخرجه النسائي عند تفسير هذه الآية، عن هارون بن سعيد الأيلي، عن ابن وهب، به (٣) وقد رواه ابن ماجة من حديث موسى بن يعقوب الزمعي (٤) عن أبي حزم، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، مثله (٥) فجعله من مسند بن الزبير. لكن رواه البزار في مسنده من طريق موسى بن يعقوب، عن أبي حازم، عن عامر، عن بن الزبير،


(١) زيادة من م.
(٢) صحيح مسلم برقم (٣٠٢٧).
(٣) سنن النسائي الكبري برقم (١١٥٦٨)
(٤) في أ: "الربعي".
(٥) سنن ابن ماجة برقم (٤١٩٢).