للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَرقا منه. فقال: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه؟ ". قلنا: بلى يا رسول الله. قال: "الشرك الخفي، أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل". هذا إسناد غريب، وفيه بعض الضعفاء (١)

وقوله: (وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ) أي: يتحدثون فيما بينهم بالإثم، وهو ما يختص بهم، والعدوان، وهو ما يتعلق بغيرهم، ومنه معصية الرسول ومخالفته، يُصِرون عليها ويتواصون بها.

وقوله: (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ) قال ابن أبي حاتم:

حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن نمير، عن الأعمش، [عن مسلم] (٢) عن مسروق، عن عائشة قالت: دخل على رسول الله يهود فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم. فقالت عائشة: وعليكم السام و [اللعنة] (٣) قالت: فقال رسول الله : "يا عائشة، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش". قلت: ألا تسمعهم يقولون: السام عليك؟ فقال رسول الله: "أو ما سمعت أقول (٤) وعليكم؟ ". فأنزل الله: (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ) (٥)

وفي رواية في الصحيح أنها قالت لهم: عليكم السام والذام واللعنة. وأن رسول الله قال: "إنه يستجاب لنا فيهم، ولا يستجاب لهم فينا" (٦)

وقال ابن جرير: حدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك: أن رسول الله بينما هو جالس مع أصحابه، إذ أتى عليهم يهودي فسلَّم عليهم، فردوا عليه، فقال نبي الله : "هل تدرون ما قال؟ ". قالوا: سلم يا رسول الله. قال: "بل قال: سام عليكم، أي: تسامون دينكم". قال رسول الله: "ردوه". فردوه عليه. فقال نبي الله: "أقلت: سام عليكم؟ ". قال: نعم. فقال رسول الله : "إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا: عليك" أي: عليك ما قلت (٧)

وأصل حديث أنس مخرج في الصحيح، وهذا الحديث في الصحيح عن عائشة، بنحوه (٨)

وقوله: (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ) أي: يفعلون هذا، ويقولون ما يحرفون من الكلام وإيهام السلام، وإنما هو شتم في الباطن، ومع هذا يقولون في أنفسهم: لو كان هذا نبيًا لعذبنا الله بما نقول له في الباطن؛ لأن الله يعلم ما نسره، فلو كان هذا نبيًا حقًّا لأوشك أن


(١) رواه الإمام أحمد في المسند (٣/ ٣٠) وابن ماجة في السنن برقم (٤٢٠٤) من طريق كثير بن زيد به نحوه، وقال البوصيري في الزوائد (٣/ ٢٩٦): "هذا إسناد حسن، كثير بن زيد وربيع بن عبد الرحمن مختلف فيهما".
(٢) زيادة من المسند (٦/ ٢٢٩).
(٣) زيادة من أ.
(٤) في أ: "ما أقول".
(٥) رواه مسلم في صحيحه برقم (٢١٦٥) من طريق يعلى بن عبيد، عن الأعمش به نحوه.
(٦) انظر: صحيح البخاري برقم (٦٠٣٠) وصحيح مسلم برقم (٢١٦٦) من حديث عائشة، .
(٧) تفسير الطبري (٢٧/ ١١).
(٨) صحيح مسلم برقم (٢١٦٣).