للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقيمهم بعدة (١) النفر الذين هم قيام بين يديه من المهاجرين والأنصار من أهل بدر، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه، وعرف النبي الكراهة في وجوههم، فقال المنافقون: ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس؟ والله ما رأيناه قبلُ عدل على هؤلاء، إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب لنبيهم، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه. فبلغنا أن رسول الله قال: "رحم الله رجلا فَسَح (٢) لأخيه". فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعًا، فَتَفَسَّحَ القومُ لإخوانهم، ونزلت هذه الآية يوم الجمعة. رواه بن أبي حاتم.

وقد قال الإمام أحمد، والشافعي: حدثنا سفيان، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله قال: "لا يقيم الرَّجُلُ الرَّجُلَ من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تَفَسَّحُوا وتَوسَّعوا".

وأخرجاه في الصحيحين من حديث نافع، به (٣)

وقال الشافعي: أخبرنا عبد المجيد، عن ابن جريج قال: قال سليمان بن موسى، عن جابر بن عبد الله. أن رسول الله قال: "لا يقيمن أحدُكم أخاه يوم الجمعة، ولكن ليقل: افسحوا". على شرط السنن ولم يخرجوه (٤)

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا فُلَيْح، عن أيوب عن عبد الرحمن بن [أبي] (٥) صَعْصَعة، عن يعقوب بن أبي يعقوب، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "لا يقم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن افسحوا يفسح الله لكم" (٦)

ورواه أيضًا عن سُرَيج (٧) بن يونس، ويونس بن محمد المؤدب، عن فُلَيْح، به. ولفظه: "لا يقوم الرجلُ للرجل من مجلسه، ولكن افسحوا يفسح الله لكم" تفرد به أحمد (٨)

وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء على أقوال: فمنهم من رخص في ذلك محتجًّا بحديث: "قوموا إلى سيدكم" (٩) ومنهم من منع من ذلك محتجًّا بحديث: "من أحَبَّ أن يَتَمثَّلَ له الرجال قيامًا فَلْيَتبوَّأ مَقْعَدَه من النار" (١٠) ومنهم من فصل فقال: يجوز عند القدوم من سفر، وللحاكم في محل ولايته، كما دل عليه قصة سعد بن معاذ، فإنه لما استقدمه النبي حاكمًا


(١) في أ: "بعدد".
(٢) في م، أ: "يفسح".
(٣) لم يقع هذا الحديث لي في مسند أحمد هكذا، وإنما هو فيه (٢/ ٢٢): عن ابن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، (٢/ ٤٥) عن غندر، عن شعبة، عن أيوب بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر. وهو في صحيح البخاري برقم (٦٢٦٩) وصحيح مسلم برقم (٢١٧٧).
(٤) مسند الشافعي برقم (٤٥٤) "بدائع المنن".
(٥) زيادة من المسند (٢/ ٥٢٣).
(٦) المسند (٢/ ٥٢٣).
(٧) في م، أ: "شريح".
(٨) المسند (٢/ ٣٣٨).
(٩) رواه البخاري في صحيحه برقم (٣٠٤٣) ومسلم في صحيحه برقم (١٧٦٨) من حديث أبي سعيد الخدري، .
(١٠) رواه أبو داود في السنن برقم (٥٢٢٩) والترمذي في السنن برقم (٢٧٥٥) من حديث معاوية ، وقال الترمذي: "إسناد حسن".