للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حدثنا وكيع وأبو معاوية قالا حدثنا الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجَينَّ اثنان دون صاحبهما، فإن ذلك يحزنه". وأخرجاه من حديث الأعمش (١)

وقال عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه؛ فإن ذلك يحزنه". انفرد بإخراجه مسلم عن أبي الربيع وأبي كامل، كلاهما عن حماد بن زيد، عن أيوب، به (٢)

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١)

يقول تعالى مؤدبًا عباده المؤمنين، وآمرًا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعض في المجالس: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ) وقرئ (في المجلس) (فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ) وذلك أن الجزاء من جنس العمل، كما جاء في الحديث الصحيح: "من بَنَى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة" (٣) وفي الحديث الآخر: "ومن يَسَّر على مُعْسِر يَسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، [ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة] (٤) والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" (٥) ولهذا أشباه كثيرة؛ ولهذا قال: (فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ).

قال قتادة: نزلت هذه الآية في مجالس (٦) الذكر، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضَنّوا بمجالسهم عند رسول الله ، فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض.

وقال مقاتل بن حيان: أنزلت هذه الآية يوم جُمُعة وكان رسول الله يومئذ في الصفة، وفي المكان ضيق، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس، فقاموا حيال رسول الله ، فقالوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. فرد النبي ، ثم سلموا على القوم بعد ذلك، فردوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم، فعرف النبي ما يحملهم على القيام، فلم يُفْسَح لهم، فشق ذلك على النبي ، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار، من غير أهل بدر: "قم يا فلان، وأنت يا فلان". فلم يزل


(١) المسند (١/ ٤٣١) وصحيح مسلم برقم (٢١٨٤) ولم أقع عليه عند البخاري عن الأعمش، وإنما هو عنده عن منصور، عن أبي وائل برقم (٦٢٩٠).
(٢) صحيح مسلم برقم (٢١٨٣).
(٣) رواه البخاري في صحيحه برقم (٤٥٠) ومسلم في صحيحه برقم (٥٣٣) من حديث عثمان، .
(٤) زيادة من صحيح مسلم (٢٦٩٩).
(٥) رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٦٩٩) من حديث أبي هريرة، .
(٦) في م: "في مجلس".