للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فذهَبت فلم تر من حاجتها شيئا، فجاءت فقالت: ما رأيتُ شيئًا. قال: لو كانت كذلك لم تُجَامعنا.

أخرجاه في الصحيحين، من حديث سفيان الثوري (١).

وقد ثبت في الصحيحين أيضًا عن أبي هُرَيرة؛ أن رسول الله قال: "إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه". (٢).

وقال النسائي: أخبرنا أحمد بن سعيد، حدثنا يزيد، حدثنا منصور بن حيان، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عُمَر وابن عباس: أنهما شهدا على رسول الله : أنه نهى عن الدُّباء والحَنْتَم والنَّقير والمزَفَّت، ثم تلا رسول الله : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٣).

وقوله: (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) أي: اتقوه في امتثال أوامره وترك زواجره؛ فإنه شديد العقاب لمن عصاه وخالف أمره وأباه، وارتكب ما عنه زجره ونهاه.

﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)

يقول تعالى مبينًا حال الفقراء المستحقين لمال الفيء أنهم (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) أي: خرجوا من ديارهم وخالفوا قومهم ابتغاء مرضاة الله ورضوانه (وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) أي: هؤلاء الذين صَدَقوا قولهم بفعلهم، وهؤلاء هم سادات المهاجرين.

ثم قال تعالى مادحًا للأنصار، ومبينًا فضلهم وشرفهم وكرمهم وعدم حَسَدهم، وإيثارهم مع الحاجة، فقال: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي: سكنوا دار الهجرة من قبل المهاجرين وآمنوا قبل كثير منهم.

قال عمر: وأوصي الخليفة [من] (٤) بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم كرامتهم. وأوصيه بالأنصار خيرًا الذين تَبوّءوا الدار والإيمان من قبل، أن يقبل من محسنهم،


(١) المسند (١/ ٤٣٣) وصحيح البخاري برقم (٤٨٨٧) وصحيح مسلم برقم (٢١٢٥).
(٢) صحيح البخاري برقم (٧٢٨٨) وصحيح مسلم برقم (١٣٣٧).
(٣) سنن النسائي الكبرى برقم (١١٥٧٨).
(٤) زيادة من أ.