للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأن يعفو (١) عن مسيئهم. رواه البخاري هاهنا أيضًا (٢).

وقوله: (يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ) أي: مِنْ كَرَمهم وشرف أنفسهم، يُحبّون المهاجرين (٣) ويواسونهم بأموالهم.

قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا حميد، عن أنس قال: قال المهاجرون: يا رسول الله، ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساةً في قليل ولا أحسن بذلا في كثير، لقد كَفَونا المؤنة، وأشركونا في المهنأ، حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله! قال: "لا ما أثنيتم عليهم ودَعَوتُمُ الله لهم" (٤).

لم أره في الكتب من هذا الوجه.

وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، سمع أنس بن مالك حين خرج معه إلى الوليد قال: دعا النبي الأنصار أن يُقطع لهم البحرين، قالوا: لا إلا أن تُقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها. قال: "إما لا فاصبروا حتى تلقوني، فإنه سيصيبكم [بعدي] (٥) أثرة".

تفرد به البخاري من هذا الوجه (٦)

قال البخاري: حدثنا الحكم بن نافع، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قالت الأنصار: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل. قال: لا. فقالوا: تكفونا المؤنَةَ ونَشرككُم في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا. تفرد به دون مسلم (٧).

(وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا) أي: ولا يجدون في أنفسهم حسدًا للمهاجرين فيما فضلهم الله به من المنزلة والشرف، والتقديم في الذكر والرتبة.

قال: الحسن البصري: (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً) يعني: الحسد.

(مِمَّا أُوتُوا) قال قتادة: يعني فيما أعطي إخوانهم. وكذا قال ابن زيد. ومما يستدل به على هذا المعنى ما رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مَعْمَر، عن الزهري، عن أنس قال: كنا جُلوسًا مع رسول الله فقال: "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة". فطلع رجل من الأنصار تَنظُف (٨) لحيته من وضوئه، قد تَعَلَّق (٩) نعليه بيده الشمال، فلما كان الغد قال رسول الله مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى. فلما كان اليوم الثالث قال رسول الله مثل مقالته (١٠) أيضًا، فطلع


(١) في م: "وأن يعفى".
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٨٨٨).
(٣) في أ: "يحبون من هاجر إليهم".
(٤) المسند (٣/ ٢٠٠).
(٥) زيادة من صحيح البخاري.
(٦) صحيح البخاري برقم (٣٧٩٤).
(٧) صحيح البخاري برقم (٢٣٢٥).
(٨) في م: "ينفض".
(٩) في م: "قد علق".
(١٠) في م:: مثل حاله".