للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وليس أحد إلا له فيها حق (١)، ثم قال: لئن عشت ليأتين الراعي -وهو بَسرو حِمير-نصيبه فيها، لم يعرق فيها جبينه.

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١١) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١٢) لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٣) لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (١٤) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٥) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (١٦)

يخبر تعالى عن المنافقين كعبد الله بن أبي وأضرابه، حين بعثوا إلى يهود بني النضير يَعدُونهم النصر من أنفسهم، فقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ) قال الله تعالى: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) أي: لكاذبون فيما وعدوهم به إما أنهم (٢) قالوا لهم قولا من نيتهم ألا يفوا لهم به، وإما أنهم (٣) لا يقع منهم الذي قالوه؛ ولهذا قال: (وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ) أي: لا يقاتلون معهم، (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ) أي: قاتلوا معهم (لَيُوَلُّنَّ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) وهذه بشارة مستقلة بنفسها.

ثم قال تعالى: (لأنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ) أي: يخافون منكم أكثر من خوفهم من الله، كقوله: ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ [النساء: ٧٧]؛ ولهذا قال: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ)

ثم قال (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) (٤) يعني: أنهم من جُبنهم وهَلَعهم لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام بالمبارزة والمقابلة (٥) بل إما في حصون أو من وراء جدر (٦) محاصرين، فيقاتلون للدفع عنهم ضرورة.


(١) في أ: "فيها جزء".
(٢) في م: "إما لأنهم".
(٣) في م: "إما لأنهم".
(٤) في م، أ: "أو من وراء جدار".
(٥) في م: "والمقاتلة".
(٦) في م، أ: "أو من وراء جدار".